تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

عبدالله بن عبدالرحمن محمد العبدالجبار

Professor

عضو هيئة تدريس

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
2 ب 112
المنشورات
كتاب
1433

الجزيرة العربية واليونان وبيزنطة التواصل الحضاري عبر العصور القديمة والوسيطة Arabia, Greece and Byzantium Cultural Contacts in Ancient and Medieval Times

العبدالجبار, عبدالله عبدالرحمن . 1433

الجزيرة العربية، اليونان، بيزنطة

الجزيرة العربية واليونان وبيزنطة التواصل الحضاري عبر العصور القديمة والوسيطة
Arabia, Greece and Byzantium Cultural Contacts in Ancient and Medieval Times
مجلدين، الرياض: جامعة الملك سعود 1433هـ.
 هيئة التحرير: عبدالعزيز بن صالح الهلابي، مشلح بن كميخ المريخي، ديمتريس ليتسوس، عبدالله بن عبدالرحمن العبدالجبار
 
هناك انطباع سائد لدى دارسي تاريخ الجزيرة العربية بوجود موضوعات عديدة ومهمة من تاريخها لم يلتفت إليها الباحثون، ولم تعط من الدراسة ما هي حرية به، ومن هذه الموضوعات تواصل الجزيرة العربية مع جيرانها في العالم القديم في الجوانب السياسية والحضارية والتجارية وغيرها، ومن هنا نبعت فكرة تسليط الضوء على علاقات الجزيرة العربية المتعددة مع اليونان والرومان والبيزنطيين. ولأهمية الموضوع تضافرت جهود مراكز علمية داخلية وخارجية في تنظيم ندوة عالمية حول الموضوع.
فقد عقد قسم التاريخ بجامعة الملك سعود بالتعاون مع مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية والهيئة العامة للسياحة والآثار ومعهد الدراسات اليونانية -الشرقية والأفريقية بأثينا بالإضافة إلى سفارة اليونان بالرياض "الندوة العالمية لعلاقات الجزيرة العربية بالعالمين اليوناني والبيزنطي- القرن الخامس ق.م إلى القرن العاشر الميلادي" في جامعة الملك سعود بتاريخ 30 ذي الحجة 1431هـ -1 محرم 1432هـ الموافق 6-9 ديسمبر 2010م.
وخلال فعاليات الندوة تم مناقشة العديد من الموضوعات، مثل المكتشفات الأثرية والمصادر الأدبية، التي شملت البرديات والنقوش، وكذلك الدراسات المختصة بالبيئة النباتية والحيوانية، والبضائع المتبادلة والملاحة وصناعة السفن دلائل على التواصل المستمر مع مناطق البحر المتوسط. وقد شكلت هذه الموضوعات نافذة على مدى الصلات الحضارية بين العرب والإغريق خلال العصور القديمة والوسيطة.
شكلت الرؤية الثاقبة والتحليل العميق لفرناند بروديل لثقافة البحر المتوسط​​، التي ورثت حضارة عريقة للعالم، آفاقاً جديدة للبحوث التاريخية الحديثة. إن البحر المتوسط ​​هو حقيقةً عن مجموعة من البحار في وقت واحد، "ذو مساحة واسعة ومتشابكة"، اشترك الناس في العمل فيه، مع وجود تفاعلات بين البحر والسهل والجزر. ولقد وسمت التفاعلات الثقافية والاقتصادية والسياسية تاريخ المناطق وشعوبها في جميع أنحاء البحر المتوسط ​​منذ العصور القديمة وحتى العصور الوسطى والحديثة.
لقد طرح العلماء سؤالا عما إذا كان البحر المتوسط ​​هو أكثر من مجرد وحدة جغرافية، ودائما ما كان يتم التأكيد على التواصل الحضاري بين شعوب البحر المتوسط. كما تم التأكيد دائماً على أن البحر المتوسط يقدم "وحدة في التعدد الذي هو بالتأكيد نموذج جذاب ... بوصفه مختبرًا للعولمة من منظور تاريخي بعيد." رُغم الاختلافات الدينية واللغوية التي تفصل الحضارات البيزنطية والإسلامية، يمكن للباحث أن يرى أوجه الشبه في ثقافاتهم. وهذا التشابه واضح جداً ومحدد؛ بحيث يبدو أنهم يسخرون من الاختلافات اللغوية والدينية والسياسية.
يمثل هذا الإصدار تجسيداً لفكرة الندوة الداعية إلى العكوف المتأني على دراسة العلاقات العربية اليونانية في عمومها وتفصيلاتها، لاستكشاف ما يتعلق بالتواصل الحضاري وإلقاء بعض الضوء على الصلات التي أدت إلى نشاط العلاقات في الأزمنة القديمة، بغية الإجابة عن تساؤلات أساسية، من نوع: ما طبيعة العلاقات بين الحضارتين؟ وما العناصر المؤثرة في هذه العلاقات؟ وكيف تطورت هذه العلاقات؟
وقد تناولت الأبحاث عمليات التفاعل بين الجزيرة العربية واليونان من خلال عدة طرق، من أهمها العلاقات السياسية والاقتصادية التي كانت المعبر الرئيس للتفاعل والتلاقح بين الحضارتين العربية واليونانية خلال عصر ما قبل الإسلام والعصر الإسلامي. فعن طريق الحضارة الإغريقية حُفظ الكثير من المعلومات عن الجزيرة العربية، كما عرف العرب المسلمون الجوانب الحضارية للأمم الأسبق تحضراً عندما بدأوا في حركة الترجمة من الإغريقية، التي انطوى تراثها على أصول كثيرة من حضارات الشرق الأدنى.
ولم تكن العلاقات السياسية السبيل الوحيد للتفاعل بين الحضارتين، فهناك أيضاً طرق التجارة التي احتل فيها طريق البخور مكانة خاصة، نتيجة للمكانة المتميزة التي تبوأتها منتجات الجزيرة العربية وصادراتها إلى العالم القديم، والتي كانت هدفاً لأطماع الدول الكبرى في الشرق الأدنى بدءًا من الإسكندر المقدوني وانتهاء بالدولة البيزنطية، وولد الاهتمام بالجزيرة العربية، وما نتج عنه من حملات عسكرية واستكشافية دافعاً للكتابة عن الجزيرة العربية وسكانها. وإذا أمعنا النظر، فسوف نجد تفاعلاً داخلياً بين هذه العناصر، فالتجارة الدولية والحملات الحربية كلها عناصر حضارية ترتبط على نحو قد يظهر جلياً، وقد لا يبدو ظاهراً للعيان من النظرة الأولى. 
تناولت الأبحاث العديد من الجوانب السياسة والحضارية والمصادر ذات الصلة بالتاريخ العربي والإغريقي والبيزنطي بدءًا من القرن الخامس قبل الميلاد، وحتى القرون الوسطى. وكان التركيز على مصادر دراسة تاريخ المنطقة والعلاقات الخارجية حيث تحدث السيد جاد عن علاقات العرب بالفرس الأخمانيين خلال عصر قمبيز الثاني من خلال كتابات هيرودوت. وسعت السناني لدراسة جوانب من حياة العرب السياسية والاجتماعية كما صورها أبو التاريخ هيرودوت. وخُصِّص بحث التركي لدراسة المحاولات الرومانية للسيطرة على الخليج العربي، التي ربما مثلت بداية التنافس مع الفرس على هذا الشريان المائي التجاري المهم. ولكن التركيز على العلاقات السياسية يبرز بشكل أكبر خلال العصر البيزنطي، حيث تناول ابن صراي بالدراسة الوجود البيزنطي في الخليج العربي، ثم دراسة محمد عبدالرحمن للصراع البيزنطي الفارسي على طريق الحرير الجنوبي خلال عهد جستنيان. وإذا كانت طرق المواصلات البحرية والبرية قد حظيت باهتمام متميز، فإن العلاقات الدبلوماسية والحربية قد استوفيت دراستها في بحثي: "التنوخيون وعلاقتهم بالإمبراطورية الرومانية لخالد محمود؛ وسفارة عمرو بن هند إلى بلاط الإمبراطور جستين الثاني لنورة النعيم".
وتاريخياً شكلت الجزيرة العربية عنصراً مهماً في العلاقات الدولية خلال العصرين اليوناني والروماني، وقد حظي موضوع العلاقات السياسية باهتمام روبن في بحثه عن النقوش الجنوبية والدور الذي قامت به مملكة حمير وعلاقاتهم بالدولة البيزنطية. كما عمل برجر على دراسة التبشير المسيحي في جنوب الجزيرة العربية من خلال الاعتماد على الكتابات المسيحية.  وتناولت أبحاث كل من النويعمي ويانوبولوس وكونتورا ولونتسني دراسة المصادر اليونانية والرومانية والبيزنطية عن موضوعات  مختلفة من علاقات الجزيرة العربية بالإغريق والرومان والبيزنطيين.
وقد حظيت المصادر بشتى أنواعها من أدبية ونقوش وآثار بدراسات مهمة سعت إلى فهم أعمق لبعض الموضوعات. فقد تتبع بحث التضحية بالبشر بين الجزيرة العربية والأساطير اليونانية لحسين الشيخ المصادر خلال الألف الأول قبل الميلاد، وخصص الهلابي دراسته لسبر تاريخ اليونان عند المسعودي. كما قدم عبدالغني دراسة نقدية عن الإمبراطور فيليب العربي في المصادر الرومانية،وكرست عقاب دراسة عن النخلة في المصادر العربية القديمة والكلاسيكية. وركز بحث رسلان على دراسة الكتابات الكلاسيكية عن الذهب والفضة في العربية الجنوبية.
وسعى بحث الأنصاري إلى دراسة موضوع أصحاب الأيكة المذكورين في القرآن الكريم وربطه مع معطيات تجارة البحر الأحمر. ويمثل بحث سالم في أرشيف نيكانور من البرديات والشقافات التي عثر عليها في الموانئ المصرية مصدراً مهماً لدراسة التجارة على جانبي البحر الأحمر. وكان بحث سمسم الذي تناول طرق التجارة في شرق مصر ودورها في نقل التجارة بين موانئ البحر الأحمر في العصر الروماني امتدادا لهذا الموضوع. وسعى العبدالجبار إلى البحث في نظرة الكتاب الكلاسيكيين عن تجارة الجزيرة العربية، وتحليل هذه المصادر ونقدها. وكان للجوانب الفنية حظوة في هذه الأبحاث،حيث تناول بحث العيدروس تأثير المدرسة الإغريقية الفنية على الصناعات في اليمن. وعلى نفس المسار قدم عبدالله دراسة عن تأثير المسكوكات الإغريقية على النقود المضروبة في ممالك شبه الجزيرة العربية. كما تناول رمضان موضوع حركة التعريب من خلال دراسة الدينار البيزنطي المتداول في الجزيرة العربية في صدر الإسلام.
ومن خلال المصادر المصرية قدمت حنفي دراسة علمية عن ثلاث برديات توضح أهمية هذا المصدر في توفير معلومات مفيدة عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مصر. كما وفر الرحالة اليونان والعرب معلومات جمة عن الملاحة البحرية في البحر الأحمر والخليج العربي لتكون بمنزلة أساس لتقييم الملاحة وبناء السفن في المنطقة، وهو ما أكدته الدراسات الحديثة في مجال الآثار ويتضح ذلك في بحثي جيناليس ومنصور.
خلال العصور القديمة شكل البحر المتوسط ​وحدة جغرافية للسكان الذي عاشوا في حدوده وتطبعوا بثقافته ما يجعله يمثل الماضي الثقافي المشترك. وقد تناول بحث تسوتس وسوتيزيس ما ذكره الكتاب خلال العصور البيزنطية من ثقافة مشتركة حول الملاحة ومجال رسم الخرائط حتى العصر العثماني. ولم تقتصر كتابات الرحالة والمؤلفين على توثيق التجارة والسلع الأساسية بل حوت معلومات فريدة عن الحيوانات في ذلك الوقت كما في بحث خريستيذيس.
شكلت الاتصالات بين الناس، في السلم أو الحرب، أساسا للتبادل الحضاري وتجسيداً للتفاهم والاستخدام الأمثل للعناصر الثقافية لدى الآخرين. ويمثل تبادل الأسرى بالصفة الرسمية وسيلة أخرى لفهم أفضل لحياة الآخرين. وعلاوة على ذلك لعب التجار دورًا مهمًا في تعريف عملائهم على السلع المتبادلة والثقافة المصاحبة لها. ومن هنا فقد كان من السهل أن تنتقل العناصر الدينية وتتحول في بيئة وأنماط مختلفة من الحياة الاجتماعية، يمكنها من التعايش السلمي. وهذا ما شكل جزء من أبحاث كل من هيلي والشرمان وباتورا والمنصوري وكارول هالينبراد.
كان نبوغ العرب في استخدام الخيول خاصة، كسلاح الفرسان، ابتكاراً مهماً برع العرب فيه براعة بارزة، وشكلوا حلفاء وعناصر مؤثرة في الحروب البيزنطية والفارسية. وفي هذا الصدد تناولت ورقة ماكابي دراية العرب بالمخطوطات اليونانية القديمة لطب الخيل، والذي يبرز جانباً آخر من الاتصالات الثقافية بين الحضارتين.
هذا ويلاحظ اختلاف الحضارة الإسلامية عن البيزنطية، حتى في الوقت الذي واصلت فيه الاستفادة من المكونات الحضارية البيزنطية، وهو ما يتجلى في قبة الصخرة والمسجد الأموي في دمشق، الذي يشهد على تمكن المسلمين من دمج العناصر الفنية في العمارة والزخرفة البيزنطية في الأهداف الخاصة بهم، وإنتاج عمل خلاق بالاعتماد على التقاليد المسيحية والبيزنطية المبكرة والرومانية أيضاً، بدلا من النسخ منها فقط. وقد جُسٍّد هذا التلاقح الحضاري في بحث روبرت هالينبراد.
وعلى الرغم من الغرابة بعض الشيء، فإن نطاق الاتصالات الدولية شمل أجزاء بعيدة من العالم. فقد تناولت أبحاث لين ينغ ويو يوسن وكوردوسيس شهادة المصادر الصينية عن الجزيرة العربية وتاريخها، واشتغال التجار العرب والأجانب بالتجارة البرية والبحرية، والعناية الفائقة التي حظي بها الحرير من قبل الطبقة الأرستقراطية البيزنطية والمجتمع العربي أيضاً.
شارك أكثر من أربعة وستين باحثا وباحثة من خمس عشرة دولة عربية وأجنبية في الندوة وقدمت الأبحاث بثلاث لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية غطت مجالات مختلفة من أوجه العلاقات السياسة والتجارية والحضارية، ولا نزعم أنها تناولتها كلها، بل بقي موضوعات لازالت بحاجة إلى بحث مُتقصٍ، ولعل ذلك يتم في قابل الأيام.
ومن أجل ضمان جودة الأبحاث فقد أخضعت الأبحاث للتحكيم العلمي فأجيز منها 40 بحثاً. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الباحثين لم تمكنهم ظروفهم العملية من إنجاز أبحاثهم بشكلها النهائي في الوقت المحدد لتسليمها لهيئة التحرير، ومن ثم فلم تنشر مع هذه الأبحاث. أما الأبحاث المجازة فستنشر في مجلدين أحدهما للأبحاث باللغة العربية والآخر للأبحاث باللغتين الإنجليزية والفرنسية. وقد عملت ملخصات للأبحاث العربية باللغة الإنجليزية وكذلك ملخصات للأبحاث الإنجليزية والفرنسية باللغة العربية.
اقتصر تدخل المحررين في هذا الكتاب على المسائل التقنية، التي لا تؤثر على آراء الكتاب. ومن أجل قبول هذه الأبحاث للنشر فقد عهد بها إلى مختصين لمراجعتها، وفي بعض الحالات طلب من المؤلفين إجراء التحسينات اللازمة. وبصرف النظر عن بعض الاستثناءات، فقد اتبعت إجراءات تحرير موحدة في هذا الكتاب. وكانت الاختصارات المستخدمة، إذا لم تحديدًا  دقيقًا، هي تلك الجارية في المراجع العلمية.
وبطبيعة الحال، فإن اللقاءات العلمية الدولية تتناول موضوعات محددة، وتقصر عن تقديم تحليل معمق للعلاقات التاريخية بين العالمين العربي واليوناني-البيزنطي. ومن المتوقع أن تؤسس هذه الندوة اللبنات الأولى للتعاون الدولي بين العلماء في جميع أنحاء العالم في مجال البحث في الماضي المشترك بين الحضارتين العربية واليونانية.
وفي الختام نتقدم بالشكر الجزيل للزملاء الباحثين على تعاونهم، ونعتذر لهم وللقراء جميعاً إن شاب عملنا بعض القصور، مع حرصنا على أن يخرج الكتاب بأفضل صورة نستطيع إخراجه بها. ونشكر كل من أسهم في عقد الندوة، وشارك فيها باحثاً ومشاركاً ومنظماً، وكل من أسهم في إخراج هذا الكتاب وطباعته.

نوع عمل المنشور
سجل علمي
اسم الناشر
جامعة الملك سعود
مدينة النشر
الرياض
مزيد من المنشورات
publications

عاش المؤرخ الروماني أميانوس ماركيللينوس في القرن الرابع الميلادي (330/395-400م)، وألّف كتاب "سجل الأعمال Res Gestae" باللاتينية، عن تاريخ روما في الفترة (96-378م)، دوّن فيه ملحوظاته عن العرب…

بواسطة علدالله العبدالجبار ومنيرة العقيل
2021
تم النشر فى:
دارة الملك عبدالعزيز
publications

يصدر كتاب "دراسات تاريخية عن الجزيرة العربية في ضوء المصادر الكلاسيكية" تتويجًا لجهود دارة الملك عبدالعزيز في مشروع الجزيرة العربية والمصادر الكلاسيكية، والذي صدر عنه 17 كتابًا احتوت معظم ما دون…

2020
تم النشر فى:
دارة الملك عبدالعزيز
publications

                  بين إمبراطوريتين: العرب والرومان والساسانيون في أواخر العصور القديمة،
Between Empires: Arabs, Romans and Sasanians in Late…

بواسطة عبدالله عبدالرحمن العبدالجبار, Abdullah A. Alabduljabbar
1441
تم النشر فى:
جامعة الملك سعود