دور سياسات التنمية الإقليمية في التنمية الإقتصادية المحلية: الحالة الدراسية لمنطقة الرياض.
الثابت, عبدالله بن أحمد . 1433
تناقش هذه الرسالة العلمية مجموعة الأفكار المرتبطة بإيصال وتحقيق التنمية المتوازنة لكافة الحواضر (المدن والقرى) والتي تهدف لها عادةً خطط واستراتيجيات التنمية المركزية في البلد. ويستهدف نطاق الدراسة المستوى الإقليمي كوسيلة لإيصال التنمية، وكأداة للتخطيط التنموي الوطني للوصول بفاعلية إلى عموم المحليات. وكان الغرض الرئيسي لهذا البحث هو تقديم توصيات بشأن تحسين الأدوات الإقليمية لأجل التوزيع المكاني للموارد التنموية في المملكة العربية السعودية.
وحيث يتركز محور هذه الرسالة العلمية على الواقع في المملكة العربية السعودية فقد استعرضت الدراسات النقدية لحالة التنمية المكانية والتي أبرزت نظام التخطيط المركزي المعمول به، وفي نفس الوقت تظهر هيكلية تنظيم الحكم والحكم المحلي الذي يعهد إلى الجهات الحكومية الإقليمية بمهام أساسية في تطوير مستويات التنمية الإقتصادية والإجتماعية ضمن نطاق خدماتها في الإقليم الذي يشرفون عليه. وقد وصل هذا البحث إلى نتيجة أولية اتفقت عليها جميع تلك الدراسات التحليلية والنقدية بشأن غياب الدور الفاعل للتخطيط الإقليمي، وهو الدور الذي من المفترض أن يكمل السياسات الوطنية ويتمم وصول منافعها إلى جميع المحليات من مدن وقرى وأرياف. وقد أكد هذا الإستعراض التحليلي لمجموع الدراسات السابقة عن منطقة الدراسة أن هناك حاجة فعلية إلى إجراء بحث مؤصل للتحقيق بشكل وافٍ عن فرص التدخل على الصعيد الإقليمي لأجل تيسير وصول وتحقيق التنمية المحلي في المملكة العربية السعودية.
وبخصوص التأصيل العلمي والمرجعية الفكرية لهذه الرسالة فقد اعتمد منهجها على نظريات التنمية الإقليمية وكذلك أدوات التخطيط وسياسات التنمية الإقليمية. وقد صاغت مجموعة الأفكار العلمية المندرجة ضمن هذين المجالين الإطار الفكري لهذا البحث، والذي أبرز ضرورة تفصيل الإستقصاء حول التنمية الإقليمية وشموليته ليعكس واقع المنهج القائم حالياً. وهذا يشمل تحديد عوامل الإنتاج الاقتصادي المحلي التي تحقق الموارد التنموية فعلاً وكذلك الأرضية التي تقوم عليها إجراءات التنمية لتأخذ مكانها فعلاً وتحد الأثر المرجو منها، حيث ينبغي أن يتوجه ذلك كله نحو السماح بوصول مخرجات التنمية الاقتصادية إلى جميع الأماكن وتحقيق وصول منافعها لتستفيد منها جميع القطاعات، وهو ما يجب أن يتم من خلال هيكلية نظام الحكم.
وتحقيقاً لهذا النهج العلمي للرسالة فقد شمل البحث دراسةً إستطلاعية حقلية قامت على مجموعة من المقابلات النوعية لجمع معلومات مفصلة عن ممارسة العمل التنموي في الميدان حسب المستويات المكانية المستهدفة ولاستكشاف الصعوبات وأوجه القصور كما يراها الممارسين لهذا العمل، وكان المستهدفون للمقابلات هم كبار المسئولين في الأجهزة الحكومية الرئيسية والمؤسسات التنموية على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية. وقد تم اختيار منطقة الرياض لتنفيذ هذا الجانب التطبيقي، بما في ذلك محافظة المجمعة كنموذج للمستوى المحلي ضمن مستويات التنمية المكانية. وقد أخرجت هذه الرسالة نتائجها التحليلية في إطار محورين رئيسين: الأول هو دراسة وتحليل المنشئات والأدوات الحالية التي يقوم عليها إيصال سياسات التنمية الإقليمية، والثاني هو استكشاف الهياكل المؤسسية التي يتم من خلالها الإستفادة من موارد التنمية المتاحة ضمن منظومة وأنشطة التخطيط حالياً ومستقبلاً .
وقد كشفت نتائج البحث عدم وجود اتساق في نظام الإدارة المحلية الذي أدى إلى تفكك شبكة العلاقات المؤسسية المفترضة في البلد، فيبدو هيكل الإدارة المحلية مفتقراً إلى التوزيع المتوازن للصلاحيات والتفويض في كل من النواحي الإدارية والمالية. كما أن مسار التنمية لم يعطي جانب تنمية الموارد البشرية أهميته اللازمة لمواكبة الإحتياجات الحقيقية والنتائج المرجوة. وهكذا فإن الرسالة تؤكد الحاجة إلى مزيد من التنسيق المؤسسي لتحقيق التوافق في كل مستوى من المستويات المكانية وتنسيقاُ أيضاً لهيكلية الإدارة المحلية القائمة فيما بين المستويات المكانية المختلفة، مع مراعاة إتساق كل ذلك مع النظام السياسي في البلد. وتكون بذلك النتيجة النهائية هي تحقيق مزيد من الصلاحيات للسلطات الإقليمية لتتحمل فعلياً مسئولية التنمية المحلية، مع الحفاظ على الاتساق الوطني.
الملصق العلمي الفائز في المؤتمر السنوي لجمعية الدراسات التنموية