تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2011

المرأة والإحصاءات المثيرة!

د. رشود الخريف

لا بد من البدء بحمد الله تعالى على ما حققته المرأة السعودية من تقدم في كثير من المجالات، كان آخرها القرارات بمنحها حق عضوية مجلس الشورى والمجالس البلدية، وهذا يعكس روح المبادرة والرؤية الحكيمة لدى خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله – في إطار مشروعه الإصلاحي الكبير، وحرصه على إشراك المواطن – رجلاً أو امرأة – في القرارات التنموية. فقد أسهم - يحفظه الله - في تمكين المرأة وتشجيعها للمشاركة في التنمية بفاعلية من خلال العديد من القرارات والمبادرات كتعيين أول سعودية في منصب نائب وزير التعليم في عام 2009م، وقرار وزارة العدل بمنح المرأة رخصة محاماة مشروطة بالترافع عن المرأة في عام العام نفسه، وتعيين أول سيدة في منصب مساعد أمين جدة في عام 2010م، وتطبيق قرار تأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية في عام 2011م وغيرها كثير.

ويقابل ذلك ما يتردد في بعض وسائل الإعلام والمنتديات على شبكة الإنترنت من إحصاءات مثيرة، قد تكون صحيحة وقد لا تكون! وهذه الشائعات تكبر وتنتشر مع غياب المعلومة الدقيقة، ما يؤكد ضرورة الاهتمام بالإحصاءات الدقيقة لترشيد القرارات من جهة وقطع دابر الإشاعات والتكهنات حول قضايا المجتمع المختلفة كالطلاق والعنوسة والإدمان وهروب الفتيات وجرائم العنف والبطالة والفقر وغيرها من جهة أخرى. فعلى سبيل المثال تنشر الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين في مكة أن السعوديين ينفقون 18 مليون يومياً على السجائر وأن هناك أكثر من مليون مدخّنة في المملكة، الأمر الذي يجعل المملكة تحتل المرتبة الثانية خليجياً والخامسة عالمياً من حيث عدد النساء المدخنات. هل هذه المعلومات فعلاً مبنية على إحصاءات دقيقة وعينة ممثلة لسكان المملكة؟!

تتداول وسائل الإعلام وبعض الباحثين إحصاءات مفادها أن عدد الفتيات العوانس سيرتفع من مليون نصف إلى أربعة ملايين خلال السنوات الخمس القادمة. وهذا افتراء – في الحقيقة - على الإحصاءات أو بالأحرى قراءة قاصرة للإحصاءات التي تنشرها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات. فعدد النساء اللواتي تبلغ أعمارهن 30 سنة أو أكثر (ولم يسبق لهن الزواج) لا يتجاوز 86 ألفاً، وليس مليون ونصف، ولا يمكن أن يرتفع إلى أربعة ملايين خلال خمس سنوات!

من جهة أخرى، تشير بعض التقارير إلى أن هناك ثلاثة ملايين طفل مصابون بالسمنة، وللمرأة نصيب وافر من السمنة في المملكة، بل إنها أكثر عرضة للإصابة بالسمنة من الرجل. وتقدر نسبة الإصابة بالسمنة بين النساء السعوديات 43 في المائة. أرقام مذهلة! ولكن هل هي مؤكدة وتعتمد على إحصاءات دقيقة؟!

تشير إحدى الصحف إلى ارتفاع حالات هروب الفتيات إلى ثلاثة آلاف لأسباب مختلفة منها القهر والظلم من ذوي القربى أو الفراغ والملل أو الإكراه. هذه إحصاءات مرتفعة، وينبغي أن تثير الاهتمام وتستدعي الدراسات الجادة والرصد المستمر والبرامج المناسبة للحد من هذه الظاهرة. ولكن يبقى السؤال: هل هذه إحصاءات مؤكدة أم تقديرات وتكهنات؟!

كان آخر إحصاءات البطالة المعلنة من قبل مصلحة الإحصاءات العامة تشير إلى أن معدل البطالة بين النساء يقترب من 30 في المائة، ولكن السؤال هل لا يزال المعدل على حاله أو تغير نتيجة المبادرات الأخيرة لزيادة توظيف المرأة؟ أم أنه لا يزال في تزايد؟! لا نستطيع الوقوف على ذلك والتأكد من فاعلية قرارات توظيف المرأة ما لم تكن لدينا إحصاءات حديثة.

أشار تقرير وزارة الشؤون الاجتماعية السنوي قبل ثلاث سنوات تقريباً إلى وجود ثلاثة ملايين سعودي يعاني من الفقر. ولا شك أن المرأة تعاني الفقر كغيرها إن لم يكن ألمها أشد وأعظم من الرجل لطبيعة الإمكانات المتاحة لها. ومنذ ذلك الوقت، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة للحد من الفقر، إلا أن الإحصاءات فقيرة بل نادرة في هذا المجال! فلا نعرف أي شيء عن خط الفقر أو نسبة الفقر في الوقت الحاضر. أليس من المفترض أن يكون تحديث الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر مستمراً، لرصد التغيرات ومعالجة الخلل إن وجد؟!

كما أشارت تقارير الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان على ارتفاع العنف الأسري وخاصة ضد المرأة خلال هذا العام. على الرغم من أن هذه من القضايا التي تؤرق المجتمعات عموماً ومنها المجتمع السعودي، لخطورتها وتأثيرها في الأسرة التي تُعد اللبنة الأساسية في بناء المجتمع وتماسكه، فإن الإحصاءات لا تزال شحيحة، مما يتطلب اتخاذ إجراءات سريعة لرصد هذه المشكلة وتوفير إحصاءات دقيقة يستعين بها الباحث ومتخذ القرار.

وجود هذه المشكلات لا يقلل من الجهود الرائعة التي تُبذل للحد من هذه المشكلات سواء أكانت الفقر أو البطالة أو العنف الأسري. وفق الله الجميع لما فيه خير الوطن.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية