تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2010

الإرهاب البيئي ومجزرة الربع الخالي أنموذجاً

د. رشود الخريف

إن الإرهاب مرض يصيب الإنسان، فيصبح أكثر ميلاً لقتل الأبرياء أو إيقاع الأذى بهم، وله أنواعه وأسبابه ودوافعه المتنوعة، والإرهاب البيئي هو – كذلك – مرض لدى البعض، ومن أعراضه عدم الاكتراث بإيقاع التدمير بالبيئة وقتل الكائنات البرية البريئة دون أدنى سبب. فيتلذذ بعضهم بقتل الحيوانات والطيور والزواحف التي لا تشكل مصدر أذى لهم، ولا تعترض لهم طريقاً، بل هم الذين يذهبون إليها في أعشاشها، أو يتتبعونها إلى جحورها، أو يطاردونها في مراعيها.

ومجزرة الربع الخالي التي تداولتها مواقع الإنترنت وبعض وسائل الإعلام ليست بعيدة عن الأذهان؛ بطلها إرهابي في العشرينيات من العمر، يفتخر بقتل خمسة من المها العربية (الوضيحي)، و15 رأساً من الغزلان دفعة واحدة! لا ينبغي أن تمر هذه المجزرة مرور الكرام، فلا بد من دراسة دوافعها والتعرف على جذورها التربوية لمعرفة الخلل التربوي أو الثقافي الذي دفع بهذا الشاب لارتكاب هذه الجريمة. إن تلقين النشء مع حليب أمهاتهم بعض القيم البالية التي تقول إن قتل أكبر عدد ممكن من الحيوانات البرية والطيور يُعد من رموز الرجولة وعلامات القوة، هو خطأ تربوي لا يتناسب مع معطيات العصر الحديث. ففي الماضي كان بقاء الإنسان يعتمد في بعض الأحيان على مقدرته على القنص، لسد الرمق وإطعام أفراد الأسرة، أما اليوم، فإن المعادلة تغيرت، والحاجة إلى القنص للبقاء على قيد الحياة انتفت بحمد الله. وحتى بناء على معايير الماضي، فإن قنص حيوانات المحميات ليس من الرجولة في شيء!

لا شك أن تعلم الرماية من فضائل الأمور، ولكن الفهم الخاطئ لبعض قيم الأمس أصبح لا يتناسب مع معطيات العصر؛ فربط الرجولة لدى البعض بقتل الحيوانات البرية أو الطيور (أياً كان نوعها) أصبح من القيم الضارة التي ينبغي أن تتغير، خاصة إذا علمنا أن الحياة الفطرية في المملكة شهدت تدميراً هائلاً خلال العقود الأربعة الماضية، نتيجة القنص الجائر والتدهور الكبير في الحياة النباتية والبيئة الطبيعية.

كذلك فإن من مظاهر الجهل وعدم الوعي، التباهي والافتخار لدى البعض بحجز حيوان مفترس في أحد الكهوف وإنزال أنواع العذاب به، والتنكيل به، كالذئاب والثعالب ونحوها، ولنا في ذئب الشمال أقبح الأمثلة. فالدين ينهى عن قتل الحيوانات أو الزواحف إلا إذا كانت مصدر خطر على حياتنا أو ممتلكاتنا. أما أن يصبح قتل الحيوانات والطيور ديدن شبابنا، ومطاردة الحيوانات المفترسة حتى الموت هواية أبنائنا، فهذا خلل ثقافي تعززه أساليب التربية الخاطئة والفهم غير الدقيق لموروثنا الديني والثقافي.

ختاماً، إن مجزرة الربع الخالي تعكس خللاً متأصلاً في ثقافتنا المحلية، وتفسيراً خاطئاً لبعض قيمنا الدينية والاجتماعية، ينبغي ألا يمر دون تشخيص ومعالجة، لأن مجزرة الربع الخالي تتكرر بأشكال مختلفة في جميع أرجاء بلادنا، فالاعتدال في التعامل مع البيئة والحياة الفطرية مطلب ديني، قبل أن يكون دنيوياً، فلا بد من الكف عن تلقين الأطفال بأن قتل الكائنات البرية رمز من رموز الرجولة وسبب من أسباب الفخر والتباهي. وليكن شعارنا عند زيارة المحميات الطبيعية ''لا تأخذ شيئاً إلا صورة؛ ولا تترك شيئاً، إلا أثر خطوات قدميك''.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية