تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

الـدكـتـور عـمـر بـن عـبـدالـعـزيـز آل الـشـيـخ

Associate Professor

عضو هيئة تدريس

كلية الطب
كلية الطب
مدونة

التطبيقـات الصحيـة على الهـواتف الذكيـة توفِّـر كميـات هائلـة من البيـانـات

برامج الهواتف الذكية تتيح للباحثين الاستعانة بأعداد كبيرة من المشاركين، ومتابعتهم بدقة.
إريكا تشيك هايدن
 
في الصيف الماضي، تساءلت إيفون شان ـ مديرة الصحة الرقمية في معهد إيكان لعلم الجينوم وعلم الأحياء متعدد النطاقات في «ماونت سيناي» بمدينة نيويورك ـ عن تأثير حرائق الغابات المشتعلة في ولاية واشنطن على المصابين بالربو، الذين قد يعانون من صعوبات في التنفس، بسبب الدخان والحرارة؛ فقررت تحليل البيانات التي جَمَعَها تطبيق الربو "أزما هيلث" Asthma Health على هواتف «الآيفون»، الذي يستخدمه الأشخاص المصابون بالربو كل يوم في تسجيل الأعراض ومثيرات المرض. ووجدت تشان أنه عندما اشتعلت الحرائق؛ قفزت أعراض الربو وحالات الإبلاغ عن مسبِّبات المرض بين المستخدمين الذين يعيشون بالقرب من الحرائق.
تقول شان: "مثل هذه التحليلات كان من المستحيل إجراؤها في السابق لاعتبارات لوجستية، لكنها الآن تفتح آفاقًا جديدة للبحث".
سَهَّلت تطبيقات الهواتف الذكية التي طَوَّرها الأكاديميون وشركات الأدوية وشركات التكنولوجيا العملاقة إجراء الدراسات الكبيرة التي تجمع البيانات بدقة، وفي الوقت المناسب حول أماكن الناس، وبيئتهم، وصحتهم. ففي مارس الماضي على سبيل المثال أطلقت شركة «أبل» أدوات برمجة البحوث ريسيرش كِت  Research Kit، التي استخدمها العلماء والشركات لتطوير تطبيقات «آيفون»، تستهدِف رصد أمراض محددة.
بدأ الباحثون الآن فقط يحصلون على مجموعات البيانات التي جُمعت من الهواتف المحمولة، ولكن نطاق هذه البرامج ما زال يتسع، ففي 21 مارس الماضي أعلنت شركة «أبل» أن تطبيقات «ريسيرش كِت» يمكنها الآن استيراد البيانات العامة للمستخدمين من شركة خدمات الاختبار الاستهلاكية «23 آند مي»، ومقرّها في «ماونتن فيو»، بولاية كاليفورنيا. وسيكون تطبيق الربو، وتطبيق آخر اسمه ماي هارت كاونتس MyHeartCounts لرصد أمراض القلب ـ وهو من تطوير جامعة ستانفورد في كاليفورنيا ـ من أوائل التطبيقات التي تتضمن بيانات «23 آند مي» الخاصة بالمستخدمين، بعد موافقة المشاركين على ذلك.
يقول عالِم الأعصاب جيمز بيك- نائب رئيس الشؤون العلمي في مؤسسة مرض باركنسون في مدينة نيويورك: «أهم ميزة قد نحصل عليها من هذه التطبيقات هي النطاق الضخم». وقد سَجَّل تطبيق إم باور mPower ـ وهو أحد تطبيقات «ريسيرش كِت» ـ أكثر من 6,800 مشارك، وهذا الرقم يعادل 3 أضعاف المشاركين في آخِر دراسة كبيرة حول مرض باركنسون.
هذا.. ويَسْهُل تَبَادُل البيانات الصحية التي تم جمعها من خلال تطبيقه مع الباحثين الآخرين، فكلٌّ من تطبيق «إم باور» وتطبيق الربو يطلبان الموافقة من المستخدمين على إتاحة بياناتهم للمزيد من عمليات البحث والتحليل. وحتى الآن وافق أغلب المستخدمين (%75 في تطبيق «إم باور»، و%90 في تطبيق الربو). وفي 3 مارس الماضي، وتقريبًا بعد مرور عام على إطلاق تطبيق «إم باور»، أتاح التطبيق مجموعة بيانات من المستخدمين، في إنجاز ضخم عن ذي قبل، عندما استغرق سنوات لجمع كمية ضخمة من البيانات وتوزيعها.
يقول ستيفين فريند رئيس سيج بيونيتووركس Sage Bionetworks، وهي مؤسسة غير ربحية في سياتل واشنطن طَوَّرَت تطبيق «إم باور»: "من الأشياء التي تعجبني في هذه المسارات الرقمية الجديدة لجمع المعلومات أنها تمثل فرصة لتبادل البيانات من خلال التجربة نفسها".
يَتخذ كثيرٌ من الباحثين ـ رغم ذلك ـ مواقف مترددة تجاه التكنولوجيا الجديدة، فهم يفضلون الانتظار ورؤية النتائج. وقد تم إطلاق حزمة التطبيقات «ريسيرش كِت» مع 5 تطبيقات؛ ووصل العدد الآن إلى 25 تطبيقًا تتبع أمراضًا معينة، مثل التوحد، وسرطان الثدي، والتصلب المتعدد. وهناك باحثون مندهشون للغاية من عدم إقبال المزيد من العلماء على تطوير تطبيقاتهم. يقول أتول بوتي مدير المعهد علوم الصحية الحاسوبية في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو: "لقد صدمني أنه مَرَّ عامٌ على ذلك، وما زال هناك عدد قليل من التطبيقات".
والبعض قَلِق من جودة البيانات التي تجمعها التطبيقات المحمولة؛ ففي العديد من دراسات «ريسيرش كِت» لم يلتق القائمون على الدراسة بالمشاركين، مما يثير علامات استفهام حول جودة البيانات من هؤلاء المشاركين. ومن أجل هذا.. يعمل الباحثون على فحص عينات عشوائية من بيانات التطبيقات. وقد فحص فريق تشان ارتباط طول مستخدمي تطبيق الربو ونوعهم بمسار الذروة، وهو مقياس للقدرة على التنفس، يرتفع في حالة الرجال، وطوال القامة. وقد صمدت هذه العلاقة حتى الآن. تقول شان: "ليس لدينا أي مشاركين أَدخلوا عشوائيًّا بيانات سيئة".
يحاول إيوان أشلي ـ وهو طبيب قلب في ستانفورد وباحث رئيس في مشروع تطبيق «ماي هارت كاونتس» ـ تجربة استراتيجيات مختلفة للحصول على قاعدة متنوعة من المستخدمين، لأن أغلب مستخدمي التطبيق يميلون إلى الذكور. ويربط فريق «ماي هارت كاونتس» الإعلان عن الدراسة ـ التي شارك فيها بالفعل 50 ألف شخص ـ بمصطلحات محددة للبحث على الإنترنت، ويتعاونون مع فريق مبادرة صحة المرأة (WHI)، وهي دراسة أمريكية طويلة المدى، ولا تزال الشكوك قائمة في استمرار تعاون مستخدمي هذه التطبيقات البحثية لفترة طويلة. فعلى سبيل المثال.. يستخدم تطبيق «إم باور» عداد التسارع والميكروفون في تطبيق «آيفون» لقياس مدى ثبات مِشْية المشاركين وقدرتهم على الكلام على التوالي، لكنّ ألف مشارك فقط في تطبيق «إم باور» هم الذين اختاروا ملء الاستطلاع؛ لتقييم وظائفهم الإدراكية.
يقول جيمز بيك: "لم يلبث المشاركون أن فقدوا اهتمامهم عندما أصبحت الأمور أكثر صعوبة. وينبغي أن تكون هناك قيمة للمستخدم، ولهذا.. فإن الناس يستخدمون التطبيق لمدة ساعة واحدة، ثم لا يعودون إليه مرة أخرى".
يتفق ستيفين فريند مع هذا الرأي. والجدير بالذكر أن شركة «فريند» تعمل على تسهيل استخدام تطبيق «إم باور». ويقول عن التطبيق الحالي: "عندما نقارن التطبيق الحالي بما كان عليه من قبل، نقول في دهشة: ‹لقد كان عسيرًا للغاية".
وما زال الباحثون يسعون لاكتشاف أفضل السبل لاستغلال البيانات القادمة من البرامج، لأن بيانات المشاركين يتم جمْعها بصورة لحظية، وبمعدلات أسرع من المعتاد، فعلى سبيل المثال.. تُجمع البيانات يوميًّا، بعد أن كانت تُجمع مرة كل 3 أشهر أثناء زيارة عيادة الطبيب، مما جعل مجال الاستخدام المنطقي الوحيد هو تجارب العلاج الإكلينيكية. هذا.. وقد طوَّرت شركة «روش» للأدوية في بازل بسويسرا تطبيقًا لمرض باركنسون، تستخدمه الآن في دراسة عقار جديد.
يَفترِض آخرون أن الأبحاث التي تستعين بالهواتف المحمولة قد تؤدي في النهاية إلى الوصول إلى أجهزة يمكن ارتداؤها، من شأنها جمْع المعلومات الخاصة بالمشاركين بطريقة أوتوماتيكية، وفي وقتها الفعلي، مثل تلك الأجهزة التي قامت شركة فيريلي Verily ـ التابعة لقسم علوم الحياة بشركة «جوجل» ـ بتطويرها في ماونتن فيو. وترتكز الدراسة الأساسية للشركة على تصنيع أجهزة يمكن ارتداؤها لجمْع بيانات المستخدِم؛ بهدف اكتساب رؤى وأفكار جديدة، قد تساعد في اكتشاف المرض؛ ومَنْعه من الظهور.
يعلِّق بيك قائلًا: "نحن ما زلنا في البداية، وأمامنا الكثير لنحققه".
 
المصدر:  Nature- مايو 2016/ السنة الرابعة/ العدد 44
https://arabicedition.nature.com/journal/2016/05/531422a