تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

سلوى محمد الصالح | Salwa M. Alsaleh

Associate Professor

Theoretical Particle Physics

كلية العلوم
مبنى 5، الدور 3 . رقم المكتب 221
مدونة

إيمي نوتر، الرياضية التي لم تسمع بها

 

بالمعتاد عندما نفكر برياضيين يخطر لنا صورة رجل، ولكن الصورة النمطية أن الرجال أبرع في الرياضيات من النساءأحد ليست صحيحة. يوجد العديد من النساء اللاتي قدمن للرياضيات بقدر ما قدم الرجال لها، و مع أن أسمائهن قد نسيت لفضل صور المجتمع النمطية، إلا أن أعمالهن لا يمكن أن تنسى و تقف آثارا على نضالهن في سبيل رقي الفهم البشري للرياضيات.

إن الرياضية الألمانية " إيمي نوتر" أحد أوضح الأمثلة على براعة النساء في الرياضيات، إن ما أثرت به الرياضيات الحديثة و الفيزياء الرياضية لا يقل أهمية عن ديفيد هلبرت، أو حتى ألبرت أينشتاين!

ولدت إيمي في مدينة إيرلانجن الألمانية في ال 23 من مارس 1882، سميت بـإيميلي، ولكنها لطالما تمت مناداتها بإيمي، كانت الأخت الكبرى من بين اربعة أطفال أنجبهم ماكس نوتر و إيدا إيملي، توفي إثنين منهم في طفولتهم و لم يبق سوى إيمي و أخوها فريتز. كان ماكس نوتر والد إيمي بروفيسور رياضيات في جامعة إيرلانجن. تلقت نوتر تعليما متركزا على اللغات، درست الإنجليزية و الفرنسية بتركيز، علمتها أمها الأعمال المنزلية ( النمطية للنساء ) كالطبخ و التنظيف و غيرهما. تخرجت من الثانوية لتصبح مدرسة للإنجليزية و الفرنسية بعد خضوعها لاختبار يخولها لهذا.

عندما بلغت ال18 من عمرها، قررت إيمي، و بإصرار أخذ حصص في الرياضيات و تعلمها، كان أخوها يدرس الرياضيات في جامعة إيرلانجن، ولكنها منعت – كونها إمرأة – من حضور المحاضرات مباشرة، فكانت تحضرها سماعيا، و1لك لمدة سنتين. بعدها قامت إيمي بالتقدم لاختبار في الرياضيات يخولها لإكمال دراسات عليا بها

نجحت إيمي في الإختبار و التحقت رسميا في جامعة إيرلانجن، لتبدأ دراسة متعمقة في الرياضيات مدتها 5 سنوات، لتحصل بعهدها على درجة الدكتوراة، لتكون ثاني إمرأة تحصل على دكتوراة في الرياضيات من هذه الجامعة، المرأة الأولى سبقتها بسنة فقط.

مع أنها منحت درجة الدكتوراة في الرياضيات إلا أن الجامعة رفضت تعيينها كبروفيسور، كونها إمرأة . قررت إيمي مساعدة أبيها في معهد الرياضيات التابع للجامعة، كانت تساعده بالمهام الأكاديمية و الأبحاث. بالإضافة للتدريس عنه عندما يكون مريضا. و سرعان ما بدأت إيمي نشر أوراقها الخاصة في الرياضيات. استمرت إيمي بمساعدة والدها لمدة عشر سنوات، و أصبحت تدرس بشكل دوري أكثر مع الوقت، ولكنها لم تكن تأخذ أتعابا على عملها. أثناء هذه الفترة، بدأت الحرب العالمية الأولى، هذا سبب لإيمي الأرق كونها محبة للسلام ولطالما أرادت الحرب أن تنتهي في ألمانيا، تحققت أمنيتها في 1918 حيث إنتهت الحرب و تحولت ألمانيا إلى جمهورية. فتحت الأبواب للنساء للتصويت، و أعطين حقوقا كانت مسلوبة منهن، ولكن هذا لم يغير الأمور بالنسبة لإيمي، و ظلت تدرس و تعمل دونما أجر فقط لكونها إمرأة.

في هذا الوقت، ديفيد هلبرت و فيلكس كلاين كانا يعملان على نظرية أينشتين النسبية، و أحسا أنهما بحاجة لخبرة و تمرس نوتر فقاما بدعوتها للقدوم لجامعة جوتنجن للعمل معهم على رياضيات النسبية العامة. ترددت إيمي في البداية، حيث لم يكن أي نساء في طاقم التدريس في جامعة جوتنجن حينها، و خشيت أن تلقى ترحيبا هناك، فالعديد لم يكن يريد قدومها. في النهاية أتت نوتر لجامعة جوتنجن، عملت بجد لتحصل على منصف تدريسي في النهاية، و أخيرا أصبحت إيمي تدرس تحت اسمها الخاص، ولكن في البداية أيضا بدون أجر لتحصل بعد ذلك على راتب بسيط مقارنة بالمحاضرين الذكور.

خلال فترة تدريسها في جامعة جوتنجن، كونت ايمي مجموعة من الطلاب المقربين منها الذين أتوا من أماكن مختلفة ( بعضهم من روسيا) للدراسة تحت يدها و الذين عرفوا ب " أولاد نوتر" . بالغم من كون أسلوب نوتر التدريسي صعب اللحاق به، إلا أنها كانت محبة كثيرا لطلبتها و تعاملهم بشكل عائلي، و تستمع لمشاكلهم. أيضا أسلوبها كان يحث الطلبة على ترك بصمتهم الخاصة في الرياضيات، و تخرج من طلبتها علماء رياضيات كبار و نسبوا لها الفضل في الكثير من أعمالهم.

بسبب تولي هتلر الحكم في ألمانيا و بدايات التوتر في ألمانيا في 1933، إضطت إيمي لمغادرة جامعة جوتنجن، و الذهاب للولايات المتحدة، فقد قدم لها منصب تدريسي في جامعة براين ماور ( للبنات) و التي ظلت بها حتة وفاتها. إن التدريس في جامعة للبنات كان تجربة مختلفة لإيمي، حيث لأول مرة كان لديها زميلات نساء في العمل، و طالبات بعدما كانت في بيئة ذكورية فقط. آنا ويلر، رئيسة قسم الرياضيات في الجامعة أصبحت صديقة مقربة لنوتر، تفهمت ويلر معاناة إيمي لتحصل على تعليمها و أن تحصل على منصب تدريسي، و بعدها عن وطنها بسبب الحرب. لم تغير نوتر أسلوبها التدريسي في جامعة براين ماور، حتى أنها استخدمت الأمانية أحيانا في محاضراتها! إلا أنها كانت محبوبة و مقربة من الطالبات.

توفيت إيمي نوتر في 1935، كانت وفاتها مفاجأة، حيث لم تخبر سوى صديقتها المقربة بمرضها .

إن الأثر الذي تركت تونر في الرياضيات و الفيزياء كبير جدا، نشرت في حياتها أكثر من 40 ورقة علمية في مجالات متعددة من الرياضيات التجريدية و التطبيقية، نشرت أعمالا في مجال البنى الجبرية، نظرية الزمر، التوبولوجيا نظرية التمثيلات. كما أنها درست علاقة الهندسة الريمانيانية الكذابة و الجائبية، علاقة التناظرات الرياضية بقوانين الحفظ الفيزيائية ( مبرهنة نوتر). نظزية الإلغاء و تحليل متعددات الحدود. قامت أيضا بتوسيع مبرهنات هيلبرت للتناظر للزمر المنتهية، غيرها الكثير من الأعمال.

تم تقديرها من قبل أعظم الفيزيائيين و الرياضيين في عصرها، حيث وصفها ألبرت أينشتين بعبقرية الرياضيات و الرياضي نوبرت فينير " أعظم إمرأة في مجال الرياضيات عرفها التاريخ، و على أقل تقدير أعظم عقل علمي يعيش الآن"
تقيم جمعية النساء الرياضيات سنويا محاضرة على شرفها . و غيرها الكثير من التكريمات.

 

بالرغم من التمييز التي تعرضه له إيمي، إلا أنها أثبتت للجميع ما يمكن للمرأة عمله! و كيف يمكن للتمييز أن يحرم البشرية من إنجازات كبيرة

 

 

 


 

References

  1. Angier, Natalie. "The Mighty Mathematician You've Never Heard Of," New York Times Science section, page D4, March 27, 2012

  2. Noether, Gottfried. "Emmy Noether," in Women of Mathematics, A Biobibliographic Sourcebook, Louise Grinstein and Paul Campbell, Editors, Greenwood Press, 1987.

  3. Noether, Emiliana Pasca. "Emmy Noether," in Complexities: Women in Mathematics, Bettye Anne Case and Anne Leggett, Editors, Princeton University Press (2005), 30-37.

  4. Morrow, James. "Emmy Noether," in Notable Women in Mathematics: A Biographical Dictionary, Charlene Morrow and Teri Perl, Editors, Greenwood Press (1998), 152-157.

  5. Olsen, Lynn M. Women in Mathematics, Massachusetts Institute of Technology, 1974.