مقرر "الحديث التحليلي" (دكتوراه)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فمن المقررات الدراسية الجامعية الهامة مقرر "الحديث التحليلي" وهو مصطلح يقصد به شرح حديثٍ واحد شرحاً شاملاً للإسناد والمتن-كما سيأتي في التعريف-.
و"الحديث التحليلي": هو نتاج رحلة طالب العلم في العلوم والمعارف التي تعلمها طيلة حياته العلمية فهو الآن يصب معارفه وعلومه في وعاء واحد؛ وهو هذا الحديث العظيم، فيتنقل بين رياضه: مرة في التخريج، وتارة في التراجم، وأخرى في العلل، ثم في المصطلح،  ثم يتنقل في بحار المتن متنقلاً بين المعنى العام للحديث وكلماته وفوائده؛ مستشعراً أنّ النبي – صلى الله عليه وسلم-  أوتي جوامع الكلم، فهو يجمع المعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة، مما يجعل متون الأحاديث مادة ثرية للتحليل والبيان والإسهاب على مر العصور والأزمان، ولكن الناظر في المتن يحتاج إلى أدوات الفهم والاستنباط التي تمكنه من استخراج الكنوز. 
قال الدكتور أبو لبابة-رحمه الله:"إن درس الحديث التحليلي في شموله لعدد من فنون العلم، هو أشبه بما يعرف "بالمساق التكاملي"، إذ يستخدم فيه الطالب خبرته العلمية، ومهارته البحثية، ويستحضر ما تحصله طوال مسيرته الدراسية من معارف :كاللغة والبيان، والنحو والصرف، وعلوم الحديث والتخريج، والفقه، والسيرة والأدب والتاريخ والقصص، ومعرفة البلدان، واستنباط الأحكام الشرعية، واستخلاص الدروس  والعبر، وغير ذلك مما يحفل به درس الحديث التحليلي"( ).
وهذا المقرر بهذا الاسم والكيفية يعد نوعاً جديداً في علوم الحديث، فلا يوجد حسب علمي من ذكر من أنواع الحديث "الحديث التحليلي"، وإن كانت الفكرة قديمة من حيث إنّ التصنيف في شرح الحديث النبوي قديم؛ ففي القرن الثالث ظهرت عدة شروح وتعليقات وبيان غريب لكتاب الموطأ وغيره.
وقد كتب د.فتح الدين بيانوني دراسة جيدة حول شرح الحديث بعنوان "أضواء على علم شرح الحديث"، وكان التركيز فيها على كتب شروح الحديث النبوي، وتاريخ نشأتها، وأنواعها( )، وكذلك كتب د.أحمد حميد بحثاً جيدا بعنوان "علم شرح الحديث دراسة تأصيلية"( ).
ولكن التركيز في هذا المقرر "الحديث التحليلي" سيكون حول كيفية شرح الحديث النبوي شرحاً تحليليّا يستوفي عناصر الشرح الكامل سنداً ومتناً.
وقد كُتبتْ في "الحديث التحليلي" عدة بحوث، وكتب بهذا العنوان، ولكن يغلب عليها الجانب التطبيقي وليس التأصيلي ....