تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

حسن بن جابر المدري الفيفي Hasan J. Alfaify

Assistant Professor

أستاذ الأدب والنقد المساعد، رئيس وحدة التطوير بكلية الآداب Assistant Professor of Classical Arabic Literature

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
1ب 48
مدونة

المقـال: تعريفه، وأهميته، ومكوناته، وأنواعه، ونماذج عليه. (مهارات_كتابة)

المقـال: تعريفه، وأهميته، ومكوناته، وأنواعه، ونماذج عليه.

 (المقال موجود في الشبكة بأسماء متعددة لذا يصعب نسبته لأحد بعينه)

 أولا : تعريفه:
المقال :مصدر ميمي من القول، ومعنى المصدر الميمي أنه مصدر عادي لكنه مبدوء بميم زائدة,فيكون قولنا :قال الرجل مقالا محمودا أو مقالة محمودة بمعنى قولنا:قال الرجل قولا حميدا . وقد وردت بهذا المعنى في شعر العرب, كقول الحطيئة:
تحنَّنْ عليَّ هداك المليكُ               فإنَّ لكـلِّ مقامٍ مقالا
وقال النابغة الجعدي:
مقالةُ السوءِ إلى أهلِها                أسرع من منحدرٍ سائل                               
ومما تعرف به المقالة اصطلاحا:أنها نوع من الأنواع الكتابية النثرية يدور حول فكرة واحدة أوجزء من تلك الفكرة,أو يعبر عن وجهة نظر ما ,بهدف الإقناع أو التوضيح أو الإثارة أو غير ذلك  للقراء,ويمتاز طولها بالاعتدال ,ولغتها بالسلاسة والوضوح,وأسلوبها بالجاذبية والتشويق.
ثانيا:  أهميته
المقال له جذور ضاربة في تاريخنا الأدبي، والعودة إلى كتب الأدب العربي تبدي لنا عن نماذج مقالية في: الكتابة، والسياسة، والاجتماع، والفنون، والعلوم، فرسالة عبد الحميد الكاتب إلى الكتّاب مثل على المقالة الأدبية، ومقالات ابن المقفع في الصداقة والصديق مثال للمقالة الاجتماعية، ومقالاته في الحكم مثال على المقالات السياسية، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة. وترجع أهميته إلى أنه:
1 ـ وسيلة من وسائل نشر الثقافة.
 2ـ معالجة المشكلات السياسية والاجتماعية والفكرية.
 3 ـ التنبيه والإثارة لقضايا الفكر والاجتماع
 4 ـ تعبير عن حرية الرأي.
 5 ـ من ألوان الإبداع الأدبي  .  
ما يراعيه كاتب المقال:
 1 ـ التمكّن من اللغة.
 2 ـ العودة إلى المصادر للتأكد من صحة معلوماته.
 3 ـ الجودة في عرض الفكرة ، من خلال التعليل والتحليل.
 4 ـ تعضيد المقال بالشواهد والأدلة الثبوتية.
 
ثالثا: أنواع المقال:
 يقسم العديد من الكتّاب المقال إلى أنواع ، وقد يختلفون في هذه الأنواع ، لكن الكثير يتفق على تقسيمه إلى: الذاتي والموضوعي.
أ. المقال الذاتي: ويندرج ضمنه : الشخصي والوصفي والتأملي وفيه يخاطب العقل والعاطفة والقلب ، فهو تعبير عن المشاعر والوجدان ،  يُصاغ بأسلوب يخضع للجمال الفني ، والتصوير البلاغي ، ويقوم على الإيقاع المبني على مواءمة الحروف ، والتقسيم والازدواج ، والتضاد ، وتشيع فيه المعاني الخلابة ، والألفاظ الموحية .  ولعل مقال الجاحظ في وصف الكتاب يعد من أبلغ المقالات في الأسلوب الأدبي ، والتعبير عن الرؤية الذاتية. 
وتتضح صفات المقال الذاتي في الآتي:
 1 ـ وضوح الذاتية، بحيث تبدو شخصية الكاتب واضحة، وكأننا نرى صورته من خلالها.
 2 ـ يخاطب القلب والعاطفة والوجدان.
 3 : يخضع أسلوبه للجمال الفني، ومستلزمات الكتابة الأدبيةالمتميزة بكل عناصرها الجمالية.
ب. المقال الموضوعي:
   وهذا المقال يخاطب الفكر والعقل، بأسلوب منهجي يعتمد المنطق والأدلة، والمناقشة والتحليل،  إذا كان المقال الذاتي يعبّر عن شخصية الكاتب، وأفكاره، وعواطفه، ونوازعه، وتظهر لنا صورته واضحة جلية، فإنَّ شخصية الكاتب وصورته في المقال الموضوعي لا تكاد تيبن، أو تظهر إلاّ لماما، إنّها تبدو كنقطة بعيدة، لا تكاد تبدو ملامحها، وذلك راجع إلى أنَّ الكاتب الموضوعي يتوخّى في مقاله:
 1 ـ الالتزام بالموضوعية والحياد 
2 ـ الأرضية التي يسير عليها الكاتب هي أرضية الأدلة والشواهد المقنعة، والإثباتات الأكيدة.
 3 ـ الحرص على جمع المادة من مصادرها، وعدم الاعتماد على الظن والتخمين والشائعات، فالحقائق هي التي تتكلّم في المقال الموضوعي.
وأشكاله ( النقدي والفكري والاجتماعي والعلمي  وغيرها)
  رابعا:أجزاء المقال ومكوناته:
   يتكون المقال كما هو شأن الفنون الأدبية الموجزة كالخطبة والرسالة، من: مقدمة وعرض وخاتمة.
 أ ـ المقدمة:
   وهي فاتحة المقال وبوّابته وجبهته وغرَّته، فالعبور الموفّق يتمُّ من خلالها، لذلك فإنَّ على كاتب المقال أن يُراعي في كتابة مقدمته ما يلي:
1-أن تكون مُهيِّئة وممهّدة
2 ـ  أن تفتح باب الدهشة
3 ـ أن تكون موجزة وواضحة
ب ـ العرض:
    إذا أحسنّا الدخول إلى قلب وعقل القاريء من خلال المقدمة، نكون قد نجحنا في تخطّي عتبة المقال، ودخلنا إلى فنائه وباحته، فيظهر مضمون المقال، ويبدو لنا شيئًا فشيئًا, ولابد في العرض من أن يكون:
- مشوقا
- غير متشعب
- سهل الأفكار واضحا
- مستخدما  للأدلة الإقناعية بإتقان
ج- الخاتمة:
وهي آخر ما ينطبع في ذهن القاريء، فيجب أن تكون خلاصة مركزة لفكرة المقالة
خامسا :نماذج للمقالة
 
1- مقال في البلاغة والإيجاز للجاحظ:
     قال عمرو بن بحر الجاحظ: درجت الأرض من العرب والعجم على إيثار الإيجاز، وحمد الاختصار، وذمّ الإكثار والتطويل والتكرار، وكل ما فضل عن المقدار.
    وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلَ الصمت، دائمَ السَّكت، يتكلّم بجوامع الكلم، لا فضل ولا تقصير، وكان يُبغضُ الثَّرثارين والمتشدِّقين.
   وكان يُقال: أفصح الناس أسهلُهم لفظًا، وأحسنهم بديهة.
   والبلاغة إصابة المعنى، والقصدُ إلى الحجَّة مع الإيجاز، ومعرفة الفصل من الوصل.
    وقيل: العاقل من خزن لسانه، ووزن كلامه، وخاف الندامة. وحُسنُ البيان محمود، وحسُن الصمت حُكْم. وربَّما كان الإيجازُ محمودًا، والإكثار مذمومًا. وربَّما رأيتَ الإكثار أحمدَ من الإيجاز، ولكلٍّ مذهبٌ ووجهٌ عند العاقل. ولكلِّ مقام مقال. ولكلِّ كلام جواب. معَ أنَّ الإيجازَ أسهلُ مرامًا، وأيسرُ مطلبًا من الإطناب، ومن قدرَ على الكثير كان على القليل أقدر. والتقليلُ للتخفيف، والتطويل للتّعريف، والتكرارُ للتَّوكيد، والإكثارُ للتَّشديد.
ونموذج المقال الموضوعي:
 لقد تناول القرآن الكريم في عدد من الآيات الصريحة ذكر الحديد في خمس مواقع، وأهم ماذكر في آيات القرآن في وصف السبائك الحديدية هي هذه الآية والتي سوف نتناولها الآن في هذا البحث تفصيلا، فالحديد يعتبر من الصناعات الثقيلة والتي يتحتم علي الدولة أن تنميها وأن تشجع عليها، فهي من الصناعات المفيدة وإمتلاكها يعني إمتلاك سبل الدفاع القوية والمناعة الهجومية. ويود الأستاذ الدكتور الباحث أن يشير إلى أن الحديد والإنسان إنما هما من أساس وأصل واحد فكلاهما خلقه الله من تراب وكلاهما يعودان في نهاية مشوار حياتهما إلى تراب، هذا مع الفارق في أن الإنسان أعطاه الله منحة التفكير ورجاحة العقل، بينما أعطي الله سبائك الحديد صفة المتانة والصلادة والممطولية، وكلاهما يتعب ويكل ويكد مع الفارق فلابد أن تكون هناك فترات راحة وفترات صيانة كي يعود النشاط للبشرمرة أخري وتعود الماكينات للعمل بكفاءة، وهكذا تتعدد صور الشبه بين الحديد ولإنسان لدرجة أن كلاهما منه الغالي والنفيس ومنه الضعيف والرخيص، فهذه إحدي معجزات الله في خلقه ولنا في موضوع التشابه عودة في بخحث آخر إن شاء الله تعالى ونكتفي بهذا القدر في هذا الموضع. ونعود فنقول أن السبائك الحديدية تنقسم إلى أنواع كثيرة بحسب نسب عناصر السبيكة ومكوناتها الكيميائية من ناحية وبحسب درجاتها الفلزية وخواصها الميكانيكية وتلك الحرارية ومن ثم تتعدد فوائد ومنافع الحديد وتتعدد إستخداماته وإستعمالانه دون حدود وهي سبائك تبدأ من سبائك الحديد الزهر وتصل إلى سبائك الصلب الفولاذية المتينة ذات المناعة ضد حدوث الكسور والإنهيار.
ويكفي أن تعلم عزيزي القارئ أن الحديد كالماء بدونه يموت الإنسان وينقرض ويموت ويعتل، بل أنه لولا الحديد لما امتلك الإنسان التقنيات ولأصبح طعاما سهلا للوحوش ولأضحي من الضعف والهوان بحيث أن التاريخ يسجل الآن صعود الإنسان إلى الفضاء الكوني وغوصه في أغوار أعماق البحار والمحيطات نتيجة امتلاكه للحديد والفولاذ والذي طوعه فأطاعه تشكيلا وأوصله لحاما مستجيبا، وخلط سبائكه مع سبائك النحاس فأعطت سبيكة منيعة في خواصها معمرة في عمرها، وهكذا فقد استطاع الإنسان أن يحوز الدنيا وأن يمتلك سبل الدفاع والمبادرة بامتلاكه مصانع إنتاج الحديد والصلب وهي من الصناعات الثقيلة التي لا تخلو أمة قوبة كانت أم ضعيفة، متقدمة كانت أم متخلفة بامتلاك سبل تصنيع الحديد والصلب فإنها صناعة إستراتيجية تدخل في كافة الاستخدامات الآدمية من وساسل النقل مرورا بتقنيات البحث والتنقيب وكافة مناحي ومتطلبات الحياة، وباختصار شديد لولا اكتشاف الإنسان للحديد لما استطاع أن بحيا ويعمر الأرض.....
-----------------

لاحظ ملف ال PDF المرفق أدناه.