تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

حازم بن فهد السند Hazem F Alsanad

Assistant Professor

عضو هيئة تدريس

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
***
مدونة

فوائد الغموض اللغوي

The advantage of ambiguity
فوائد الغموض

علماء الإدراك يحاولون الإجابة عن سؤال قديم وهو لماذا اللغات الإنسانية تحمل عددا كبيرا من الكلمات ذات المعاني المتعددة؟

السؤال حول نشوء اللغة والغاية منها من القضايا الشائكة، والمختلف فيها كثيرا، وأشهر إجابة على ذلك هي أن اللغة (نشأت لنتبادل المعلومات). وهو طرح متخصصي اللغة والاتصال، ولكن نعوم تشومسكي له رأي آخر يتعلق بأن اللغة مصممة بشكل ضعيف لأجل التواصل، بل إن التواصل منتج عارض من منتجات نظام ربما نشأ وتطور لأغراض أخرى، قد تكون تكوين أفكارنا الخاصة.
وقد أشار كثير من اللغويين إلى أن هناك مشكلة هي الغموض، ولأن الغاية من اللغة إرسال المعلومات من مرسل إلى مستقبل، فلابد أن تكون لكل كلمة معنى واحدا، واستبعاد أي فرصة للغموض وسوء الفهم.  ولكن هذه الرؤية يخالفها مجموعة من باحثي علم الإدارك في معهد MIT الذين أبرزوا فرضية أخرى هي أن الغموض يجعل اللغة أكثر كفاءة، لأنه يتيح الاستعمال المتكرر لأصوات قصيرة ذات كفاءة عالية، ويتمكن السامع من التخلص من الغموض حيالها من خلال السياق.
يقول تيد جيبسون بروفيسور العلوم الإداركية أن أناسا كثيرين يرون الغموض مشكلة في التواصل. ولكن حين نفهم السياق فإن الغموض يزول ولايمثل مشكلة أبدا. بل هو شيء بإمكاننا الاستفادة منه، لأننا من خلاله نستطيع أن نستعمل بشكل متكرر كلمات سهلة وبسيطة في مختلف السياقات.

ماذا تعني؟  What do you mean?
كلمة مثل Mean لها العديد من المعاني، مما قد يدفع إلى الادعاء بأنها غامضة، ولكن النظر بقرب في السياق يجعلنا ننفي  وجود الغموض! لأن المتحدث الأصلي بالإنجليزية لايخطئ في تحديد معناها. وسبب ذلك أن اختلاف المعاني للكلمة مرتبط بالسياقات، وبهذا فالسامع يفهم الكلمة ويستنتج دلالتها بشكل أوتوماتيكي.
بمايتعلق بالقوة الكامنة للسياق في إزالة الغموض، يفترض باحثون أن اللغات سخرت الغموض ليتاح استعمال الكلمات بشكل متكرر، وهو ماينطبق بشكل أساس على الكلمات الأسهل لأنظمة معالجة اللغة. وانطلاقا من دراسات وملاحظات سابقة، فإن الكلمات ذات المقاطع القليلة، والتكرار الكبير، والنطق الأسهل تكون أكثر عرضة لتعدد المعاني.
وقد أجريت دراسة لاختبار هذه الفرضية، من خلال عرض مدونة كبيرة في ثلاث لغات, الإنجليزية والدوتش والألمانية، للمقارنة بين مجموعة من الكلمات وعدد معانيها المحتملة، وجد الباحثون أن الكلمات الأقصر والمتكررة الاستعمال والتي تنسجم مع أصوات اللغة بشكل سهل هي الكلمات التي يقع فيها الغموض كثيرا في كل اللغات الثلاث.
 
ولكن كيف يكون الغموض مساعدا للغة أن تصبح أكثر كفاءة؟
لننظر في طبيعة تبادل الاتصال بين المتحدث والسامع، فالمتحدث يسعى إلى إيصال مايريد بأكبر كم من المعلومات من خلال أقل كمية من الكلمات، والمستمع يحاول التمكن من الفهم الدقيق والكامل لما يريده المتحدث.
إلا أن الباحثين يقولون: إنه من الأيسر إدراكيا أن يقوم السامع باستنباط الأشياء من السياق، بدلا من أن يقوم المتحدث ببذل وقت طويل وجهد مضنٍ في إعطاء كلام طويل ومعقد. وبذلك، فإننا أمام نظام ينحو إلى الغموض، والاستخدام المتكرر للكلمات.
ويقول بيانتادوسي أننا حين نضع السياق في الحسبان فمن الواضح أن الغموض سيكون شيئا مقبولا في النظام التواصلي.
 
 مصدر المقال:
The advantage of ambiguity