تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2011

السمنة ووزارة الصحة

 

د. رشود الخريف

شهدت المملكة ازدهاراً تنموياً كبيراً نتج عنه توافر الغذاء والرفاهية، مما انعكس على تطور عادات غذائية سيئة وعزوف عن ممارسة الرياضة تسببت في انتشار السمنة لدى الصغار والكبار والرجال والنساء، نتيجة قلة الحركة والمشي وعدم ممارسة الأعمال البدنية. ولا شك أن تنشئة السكان تنشئة صحية هي من الأهداف الأساسية للتنمية. فليس من المقبول أن تسعى الدول إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية وإهمال صحة الإنسان الذي هو الهدف النهائي للتنمية. وبناء على ما نقرأ من تقارير، فإن السمنة أصبحت هي المشكلة الصحية الأولى في المملكة، لما ما يترتب عليها من مضاعفات خطيرة. هناك إحصاءات تشير إلى أن 51 في المائة من النساء ونحو 45 في المائة من الرجال مصابون بالسمنة. وهناك دراسة أخرى تشير إلى أن معدل انتشار السمنة يصل إلى 37 في المائة بين السعوديين، ويرتفع إلى 42 في المائة بين الرجال وينخفض إلى 32 في المائة بين النساء. ويبدو أن المشكلة تفاقمت في الآونة الأخيرة، لدرجة صدور تحذيرات من بعض الأكاديميين بأن هناك ثلاثة ملايين طفل سعودي مصاب بالسمنة، وأن هناك 20 ألف حالة وفاة سنوياً بسبب السمنة، وأخطر من ذلك أن 70 في المائة من السعوديين مصابون بالسمنة، وأنها ـــ أي السمنة ـــ تقلل عمر الإنسان بنحو 20 سنة. وإلى جانب السمنة، فإن السكري أصبح هو المرض الأكثر شيوعاً بدون منازع وهو ـــ كذلك ـــ مرتبط بالسمنة. وكما هو معروف، فإن السكري ومضاعفاته من أسباب الوفاة الرئيسة في المملكة.

بل هناك إحصاءات تصف سكان دول الخليج بأنهم من أكثر الدول إصابة بالسمنة، ومن أكثرها إصابة بالسكري، ومن أكثرها إصابة بضغط الدم. لا شك أن ذلك مرتبط بالتغير في أسلوب الحياة والعادات الغذائية، خاصة قلة الحركة والمشي والاعتماد على الوجبات السريعة والدسمة.

وعلى الرغم من أن السمنة مشكلة صحية كبيرة في المملكة، لا يستهان بها لما لها من آثار على الفرد والمجتمع، فإن وزارة الصحة لم تبذل جهوداً ملموسة لتحسين الإحصاءات حول السمة ومدى انتشارها في المجتمع، لمعرفة الوضع القائم بدقة، ورصد ملامح التحسن في هذا المجال. فقد جاء كتابها السنوي الأخير خالياً من إحصاءات عن السمنة التي تعتبر المشكلة الصحية الأولى على مستوى المملكة، كما ذُكر آنفاً. والأغرب من ذلك أن الخطة الاستراتيجية للوزارة (1431 ـــ 1440هـ) لم تعط اهتماماً واضحاً لتحديد الأولويات الصحية في المملكة والبرامج اللازمة لمواجهتها، بل ركزت الاستراتيجية ـــ بدرجة كبيرة ـــ على تحسين أداء الوزارة. في حين كان من المتوقع أن تُعنى هذه الاستراتيجية بتحديد أكثر المشكلات الصحية شيوعاً وأكثر الأمراض انتشاراً، ثم تقوم بتحديد الآليات والبرامج الكفيلة بالحد من هذه المشكلات والتغلب على الأمراض.

وما دام الحال كذلك، فإن الحاجة ماسة لتحسين وضع الإحصاءات لأنها أساس القرارات الفاعلية والبرامج الناجحة، ومهمة لتفعيل برامج التوعية والإجراءات المؤثرة في الحد من كارثة السمنة في المجتمع السعودي. فالوزارة تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، وكذلك هيئة الغذاء والدواء، ولكن تشترك معهما وزارة الثقافة والإعلام ووزارة التربية والتعليم، ولا ننسى أمانات المدن والبلديات التي تتحمل مسؤولية كبرى في تخصيص أماكن فسيحة للمشي وممارسة الرياضة في كل حي من أحياء المدن المكتظة بالسكان. كثير من مدننا ليست صحية، ولا تفي بمتطلبات السكان الترفيهية والصحية، بل تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب نتيجة تلوث هوائها وازدحام شوارعها واختناق جوها لعدم وجود مساحات خضراء كافية أو ملاعب مناسبة أو مراكز في الأحياء تُعنى بالإنسان من النواحي الصحية والاجتماعية والثقافية.

وختاماً، لا بد من إجراء مسح ديموغرافي ـــ صحي شامل لكل الأعمار والفئات السكانية والمناطق لتحديد الوضع الصحي للمجتمع السعودي وتوثيق العادات الغذائية وتحديد معدلات الإصابة السمنة والأمراض المزمنة كالسكري والضغط وزيادة الدهون والمفاصل وغيرها.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية