تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2011

هل التحالف الدولي شمولي أم انتقائي؟

د. رشود الخريف

لا شك أن نصرة المظلوم ووقف الجرائم ضد الإنسانية أمر مطلوب تنادي به جميع الأديان السماوية والأعراف والقوانين الدولية. ولكن في ضوء التحالف العسكري لفرض حظر جوي في أجواء ليبيا، تبرز تساؤلات كثيرة في أذهان الكثيرين وتختلط المشاعر نتيجة اضطراب المعايير واختلالها. فهل يُشكل هذا التحرك صحوة دولية جادة للحد من الانتهاكات ضد الإنسانية وحماية حقوق الإنسان في كل مكان على سطح الكرة الأرضية؟ أم أن المبادرات الحالية تدفعها مصالح خاصة (اقتصادية أو سياسية أو شخصية) للدول التي تتزعم التحالف العسكري؟ ثم هل ''المحكمة الدولية الجنائية'' ستستمر بحيويتها في التحرك السريع لفتح تحقيق لتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الإنسان في كل مكان؟

أقول ذلك لأن المحكمة الدولية الجنائية فاجأت الجميع ـــ مشكورة ــــ بتحركها السريع في غضون أيام قلائل من اندلاع الأحداث في ليبيا، لفتح التحقيق وجمع الحقائق والدلائل لانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في ليبيا. هذه المحكمة أذهلت الناس بلهجتها الصارمة، ولكن ـــ يا ترى ـــ هل ستبدو كذلك مع الجميع أم أنها تبدو كذلك فقط مع الدول الإفريقية وبعض الدول الآسيوية الضعيفة؟! تبرز هذه التساؤلات لأنها لم تتحرك للتحقيق في جرائم حرب غزة، ولم تتحرك عندما قصفت قوات التحالف حفلات الأفراح في أفغانستان أو في باكستان وراح ضحيتها الأبرياء. ولم تتفاعل هذه المحكمة الموقرة مع حصار الشعب الفلسطيني القائم لسنوات، أو مع تطويقه بجدار العزل العنصري، أو سياسات التهجير القسري، أو تهويد القدس من خلال هدم المنازل الفلسطينية، وعدم السماح للفلسطينيين بترميم مساكنهم أو بناء مساكن جديدة، في حين تقام المستعمرات لاستقبال اليهود من أرجاء العالم كافة. أليست هذه انتهاكات لحقوق الإنسان الفلسطيني وسحقا لكرامته؟! أليست جرائم ضد الإنسانية؟

كما أن القضاء على مئات الآلاف من البشر في العراق بحجة الحرب ضد الإرهاب ووجود سلاح الدمار الشامل الذي ثبت عدم وجوده، أليست هذه جرائم ضد الإنسانية تتطلب تحرك المنظمات الدولية للتحقيق فيها أو لتوثيقها فقط إكراماً لأرواح الضحايا؟!

معظم العرب والمسلمين، إن لم يكن جميعهم، وكذلك الناس أجمعين، يؤيدون الحق ويحاربون الظلم ويدعمون الجهود الرامية لحماية الأبرياء من البطش والطغيان، ويقفون في صف الديمقراطية، ويمقتون الدكتاتورية، ولكنهم لا يرغبون في أن تكون الجهود الإنسانية والتحركات الدولية انتقائية حسب الأهواء والمصالح. فلا بد أن تدفع الجهود الإنسانية نوايا صادقة ومعايير موحدة (لا مزدوجة).

بالتأكيد فإن التحركات الدولية التي تقوم على معايير مزدوجة لا (ولن) تخدم السلم العالمي، ولن تشجع على التعايش السلمي بين الحضارات، بل ستؤجج المشاعر، وتشجع الإرهاب، وتدفع العالم إلى مزيد من الحروب وعدم الاستقرار.

ختاماً، أرجو أن يستمر حماس الرئيس الفرنسي ساركوزي تجاه قضايا إنسانية مماثلة، وألا تفقد الدول الكبرى مصداقيتها عند التعامل مع انتهاكات للإنسانية وجرائم حرب في أماكن أخرى. كما أتمنى أن يسهم التقدم التقني والإعلام الإلكتروني والصفحات الاجتماعية في بلورة تحالف دولي للشباب المخلصين في العالم من أجل حماية حقوق الإنسان والضغط على المنظمات الدولية للتخلص من انتقائيتها ومعاييرها المزدوجة من أجل عالم أفضل. باختصار، نحن في حاجة إلى تحالف شباب العالم لإصلاح الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى من الفساد الإداري والمالي وازدواجية المعايير.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية