تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2011

هل «الكتاب» يستحق الدعم الحكومي؟!

د. رشود الخريف

ونحن نبتهج بافتتاح معرض الكتاب الدولي بالرياض، هذه الاحتفالية الثقافية التي ينتظرها الكثيرون كل عام، أطرح في هذه المقالة بعض الرؤى حول الكتاب وشجونه. فأشير ــــ بداية ــــ إلى أن الإحصاءات تقول إن عدد الكتب الصادرة في الدول العربية متواضع جداً مقارنة بالدول الأخرى. فمن جهة، يُقدر عدد الكتب الصادرة سنوياً في الولايات المتحدة بنحو 275 ألف كتاب، وفي الصين 136 ألفا، وفي إيران 65 ألف كتاب، وفي تركيا 31 ألفا، وفي البرازيل 22 ألف كتاب.

ولكن الوضع في الدول العربية مختلف تماماً، إذ يُقدر عدد الكتب الصادرة سنوياً في السعودية بـ3900، وفي لبنان 3700، وفي مصر 2200، وفي قطر 210، وفي البحرين 40، وفي ليبيا 26، وفي عمان سبعة كتب. وهذه أعداد متواضعة جدّاً، خاصة إذا عرفنا أن ما ينشر في الدول العربية مجتمعة لا يصل إلى عدد ما ينشر في دولة واحدة مجاورة، مثل تركيا، أو دولة نامية وبعيدة، مثل البرازيل!

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: ما أسباب قلة الكتب المنشورة (ورقياً أو إلكترونياً) سنوياً في الدول العربية؟ هل هو عزوف عن القراءة لدى العرب واتجاه لمشاهدات الفضائيات؟ أم العلة هي في قلة الموارد لتغطية تكاليف النشر؟ أم هناك ضعف في التوزيع وتسويق الكتاب؟ أم غياب الحرية ووجود الرقابة الصارمة؟ أم البيروقراطية في فسح الكتب ومنحها الرخصة للطباعة؟ أم أن أسعار الكتب غالية وبعيدة عن متناول الكثيرين؟ أم أن العرب لا يهتمون بالكتب، ولا يدخل ضمن قواميسهم في الإهداء، مع أنهم عُرفوا بالكرم كأحد سماتهم وتقاليدهم العربية العريقة؟ وأخيراً، هل من المعقول أن ''أمة اقرأ لا تقرأ''؟

الإحصاءات تُشير إلى أن اللبنانيين ــــ وهم أكثر العرب قراءة ـــ يقضون 15 دقيقة يومياً في المتوسط لقراءة كتاب ما. أما المصريون فيخصصون للكتاب عشر دقائق يومياً، والسعوديون ست دقائق في اليوم. في حين أن الأمريكي والبريطاني يقرأ ما بين سبعة إلى عشرة كتب على الأقل في العام.

ومن جهة أخرى، يعاني الكتاب صعوبة كبيرة في الانتقال من دولة عربية إلى أخرى، نظراً لعوائق الفسح ولعدم وجود ناشرين وموزعين مهنيين يعطون لصناعة الكتب حقها من الاهتمام. فأغلب الناشرين والموزعين في السوق هم من التجار الذين يسعون للربح السريع، ولا يعيرون اهتماماً يذكر للثقافة، أو تقديراً يليق بالمفكرين والمؤلفين. علاوة على ذلك، يواجه المؤلفون والمفكرون في الدول العربية كثيراً من العراقيل المتمثلة في الإجراءات الطويلة والرقابة الصارمة والفسوحات الكثيرة ما بين فسح النشر وفسح التوزيع ونحوها. وبعد تجاوز هذه العقبات والعراقيل، لا يُستفاد من الكتاب بالدرجة المطلوبة، لضعف توزيعه وتدويره بين القراء. فمن المفترض أن يستطيع المشتري الأول (متى أراد) بيعه مرة أخرى أو التبرع به لجهات خيرية تعرضه للراغبين في اقتنائه بأسعار معقولة، ولكن محال بيع ''الكتاب المستعمل'' الموجودة حالياً تبالغ في أسعار الكتب المستعملة، ليتساوى سعر الكتاب المستخدم بالكتاب الجديد في كثير من هذه المحال، وهذا على عكس ما هو موجود في كثير من الدول، إذ من المعروف ألا يتجاوز سعر الكتاب المستعمل ربع أو نصف قيمة الكتاب الجديد. وهذا الوضع المأسوي للكتاب العربي يحد من الاستفادة منه، ما يجعله حبيساً في أدراج المؤلفين، أو مكاناً لجمع الغبار في مخازن الموزعين ''التجار''.

كما أنني ــــ مع الأسف الشديد ــــ لا أعتقد أن الكتاب يدخل ضمن قائمة الهدايا في مناسبات الأعياد أو التخرج أو المناسبات السعيدة الأخرى، إلا ما ندر. وفي هذا المقام أتذكر ''ما ندر'' من الأمثلة المشرقة ممن أحبوا الكتاب وجُبلوا على توزيعه لكل من يزورهم في منازلهم أو مكاتبهم. ويُعرف بهدايا الكتب الأستاذ عبد العزيز الخريف من سكان مدينة حريملاء الذي اعتاد بألا يخرج ضيوفه من منزله دون أن يحملهم كتاباً أو كتابين. ومن كرماء الكتب الذين أعرفهم ـــ أيضاً ــــ الدكتور عبد الله الغنيم وزير التعليم العالي الأسبق في الكويت الذي يوزع كتبه والكتب التي تصدر عن المؤسسات التي يعمل بها بسخاء يفوق نظراءه القائمين على المؤسسات الثقافية والعلمية.

أختتم بالقول إن ''الكتاب'' في حاجة ماسة للدعم الحكومي شأنه في ذلك شأن مجالات التنمية الأخرى التي تحظى برعاية الدولة. فالزراعة ــــ على سبيل المثال ــــ تحظى بالدعم السخي من خلال صندوق التنمية الزراعية، وكذلك الأنشطة الصناعية التي أُسس لدعمها صندوق التنمية الصناعية، كما يهدف صندوق التنمية العقاري لدعم الإسكان وتحسين مستوياته، ولكن لا يوجد أي دعم منظم ومعلن للمؤلف، مما يثبط همم المفكرين والمؤلفين، ويحد من إقدامهم على النشر، خاصة مع ضعف التوزيع وصعوبة التسويق.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية