تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2010

إلى متى العشوائية والاحتكار في استخدام أنظمة GPS؟!

د. رشود الخريف

من المؤسف حقا ألا نستفيد من أنظمة تحديد المواقع GPS بشكل فاعل ومنظم ودقيق، كما هو الحال في بعض الدول. ففي كثير من الدول تتوافر هذه الأجهزة في متناول الجميع بأسعار معقولة جدا، وتحتوي على خرائط إلكترونية عالية الدقة مدعمة بالصوت واتجاهات الحركة المرورية، ومزودة بمعلومات عن الشوارع الصغيرة قبل الكبيرة وأرقام مخارج الطرق السريعة، إضافة إلى أسماء الفنادق والمطاعم والأسواق الصغيرة والكبيرة وغيرها. ويمكن استخدام هذه الأجهزة والأنظمة بسهولة ويسر، لدرجة أن الشخص لا يحتاج إلى تعليم لاستخدامها عند استئجار السيارات أو استخدم السيارات الخاصة. وكنتيجة لذلك، لا تكاد تخلو سيارات التأجير والسيارات الخاصة من أجهزة تحديد المواقع GPS. وهذا على العكس مما هو سائد في بعض الدول النامية، بما فيها المملكة.

وفي ضوء هذه الأهمية الكبيرة والفائدة العظيمة، لا أعتقد أن من الحكمة أن تلعب الحكومة (في أي دولة) دور المتفرج وأن تترك تطوير هذه الأنظمة والخرائط اللازمة لها بطريقة عشوائية، ليتم إعدادها بجهود فردية وجهات خاصة لا تمتلك المقومات اللازمة والإمكانات المطلوبة والمهارات الضرورية لإعداد خرائط مناسبة. أقول ذلك لأن الاستثمار في خرائط دقيقة وعناوين محددة، ومن ثم إتاحة استخدامها للعامة، استثمار لا ينبغي الاستهانة به، أو التأخر في إنجازه بطريقة دقيقة ولائقة. إن الاستثمار في إعداد هذه الخرائط الرقمية الدقيقة ودعمها باتجاهات الحركة المرورية على الشوارع الرئيسة والصغيرة له مردود كبير وفائدة عظيمة على الاقتصاد والسياحة والأسر والأفراد على حد سواء.

أيها القراء الأعزاء، إن الحديث عن فوائد إتاحة استخدام هذه الأنظمة للعامة كثيرها ومردودها على الاقتصاد الوطني عظيم، ولن أستطيع استعراضها في هذه العجالة، لكني سأشير إلى أبرزها باختصار:

1) يسهم استخدام هذه الأنظمة في توفير الوقود بدرجة كبيرة، فبدلا من الضياع في الشوارع والبحث عن العنوان أو المكان المقصود، يستطيع الشخص الوصول باستخدام أقصر الطرق وأقلها ازدحاما.

2) تخفيف الازدحام والاختناقات المرورية التي تحدث نتيجة ضياع بعضهم وعدم معرفتهم بالطريق المؤدي لموقع أو عنوان معين، الأمر الذي قد يضطرهم أحيانا إلى الدوران والدوران مرة ومرات، بل والسير ـــ أحيانا ـــ بالخطأ عكس الحركة المرورية.

3) توفر أنظمة تحديد المواقع الراحة النفسية، فبدلا من ارتفاع الضغط وتوتر الأعصاب خشية تجاوز مخرج معين أو عدم الانعطاف عند الوصول للطريق المرغوب، يتلقى قائد المركبة تعليمات منظمة ودقيقة من جهاز لا يتجاوز حجمه الكف.

4) توفر هذه الخدمة الوقت والجهد للراكب والسائق على حد سواء، فبدلا من طلب المساعدة في وصف الطريق المناسب، والاضطرار للوقوف المتكرر عند محطات الوقود و''البقالات'' للسؤال عن العنوان المطلوب، يستطيع الشخص الوصول براحة بال وفي الوقت المناسب.

5) يجعل هذا النظام من الرحلة والسفر متعة حقيقية؛ لأن المسافر يستطيع الوصول إلى الموقع المطلوب بكل سهولة ويسر، ودون عناء وضياع وقت، بل يستطيع الوصول لأصغر الشوارع وأبعد المواقع في وقت المحدد ومعروف سلفا قبل الانطلاق في الرحلة. إن وضع هذه الخدمة مأساوي، فما يتوافر في أجهزة السيارات لدينا يُعد بدائيا وغير عملي، فينطبق عليه القول: ''لا يسمن ولا يغني من جوع''؛ لأنها غير دقيقة ولا توفر سوى معلومات محدودة عن الشوارع الرئيسة دون تعليمات صوتية تساعد قائد المركبة للوصول إلى الموقع المطلوب. ولا تحتوي على اتجاهات الحركة المرورية أو معلومات متكاملة عن الخدمات والفنادق والمراكز التجارية والمرافق العامة.

والسؤال القائم هو: ما الجهة المسؤولة عن تنظيم هذه الخدمة والتأكد من توافر الخرائط الرقمية المدعمة بالصوت والمعلومات الدقيقة عن الشوارع والمواقع السياحية والفنادق والمطاعم والخدمات الأخرى بأنواعها كافة؟ هل هي الهيئة العليا للسياحة؟ أم المساحة العسكرية؟ أم هيئة المساحة الجيولوجية السعودية؟ لا أعتقد أن أيا من هذه الجهات أسهمت بفاعلية لتطوير هذه الأنظمة، بل التزمت جميعها دور المتفرج غير المكترث! هذا الوضع المأسوي شجع الجهود الفردية ـــ المشكورة ـــ لتجميع المعلومات والإحداثيات بطرق شخصية وبدائية، ثم إدخالها على خرائط الأساس المتوافرة، ومن ثم احتكارها وبيعها بأسعار غير منطقية، على الرغم من رداءتها وقلة معلوماتها.

ختاما، لا بد من إعطاء هذا الموضوع أهمية أكبر وأولوية أفضل على المستوى الوطني وتكليف جهة أو لجنة وطنية للإشراف عليه وتطويره بما يخدم الناس ويوفر أموالهم وأوقاتهم، ويدعم الاقتصاد السعودي والسياحة الداخلية من خلال توفير خدمة فاعلة.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية