تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2010

من يقول بسلامة غذائنا؟!

د. رشود الخريف

إن سلامة الغذاء من التلوث والتسمم مرتبطة ــــ بإذن الله ــــ بالصحة والعمر المديد. وفي المقابل، يتسبب تلوث الغذاء بالسموم والمواد الكيماوية الضارة في الإصابة بكثير من الأمراض والأورام، إضافة إلى ما يترتب على ذلك من تكلفة اقتصادية كبيرة تتمثل في العلاج والرعاية الصحية وضياع ساعات العمل وفقدان الإنتاج، وكذلك تلوث التربة والبيئة والمياه الجوفية. وفي هذا الخصوص، هل، يا ترى، هناك أحد يستطيع أن يقول بسلامة الغذاء في بلادنا؟ لا أعتقد أن هناك عاقلاً يستطيع أن يقول بذلك، لأسباب بسيطة، سنتطرق إلى بعضها في سياق المقالة.

إن المبيدات الزراعية والسموم الكيماوية المخصصة لمكافحة الآفات والحشرات الزراعية تُستخدم دون ضوابط وتسكب في المحاصيل دون مراقبة في طول البلاد وعرضها, فمعظم العمالة الزراعية يفتقر إلى التدريب، وبعضهم ينقصه الوعي بخطورة المواد المستخدمة، وبعضهم الآخر ينقصه الضمير بمدى الضرر الذي يمكن أن يلحقه بالمستهلكين من جراء زيادة كميات المبيدات والسموم أو قطف الثمار والخضار خلال ''وقت التحريم'' المحدد لكل مبيد زراعي. حتى التمور التي كنا نظنها آمنة، لم تسلم من الرش والتلوث!

من جهة أخرى، تفتقر المطاعم إلى المراقبة الواعية والحريصة، فأغلبية القائمين بهذا العمل لم يتلقوا التدريب المناسب، ولا يوجد منهم العدد الكافي لمراقبة آلاف المطاعم في مدينة الرياض، فكيف نتوقع منهم القيام بهذه الأعباء على مستوى المملكة المترامية الأطراف؟! ونتيجة لذلك نسمع ــــ بين الحين والآخر ـــ عن حدوث بعض حالات التسمم هنا وهناك، ونقرأ في وسائل الإعلام عن مطاعم تقدم لزبائنها لحوماً محرمة شرعاً (؟) وكما يقولون: ''ما خفي كان أعظم!''

إضافة إلى ذلك، ينتشر تصنيع الغذاء كالحلويات ونحوها بطرق بدائية، بعيداً عن الرقابة أو تطبيق المعايير الصحية، وذلك من قبل بعض أفراد العمالة الوافدة. وتستخدم في هذه الصناعات صبغات ومواد كيماوية ضارة لصحة الإنسان. ولو لا غياب الرقابة الصحية لمثل هذه الأنشطة لما ازدهرت في بعض المدن، ''فمن أمن العقوبة أساء الأدب''!

كذلك هل الصيدليات المنتشرة كدكاكين صغيرة في أرجاء المدن ملتزمة بوجود تكييف على مدار اليوم للمحافظة على درجة الحرارة المناسبة للدواء؟ ومن المسؤول عن متابعتها والتأكد من التزامها بالمعايير المطلوبة للتعامل مع الدواء؟ هل هي أمانات المدن؟ أم وزارة الصحة؟ أم هيئة الغذاء والدواء؟ أم وزارة التجارة؟!

وعلى الرغم من جهود هيئة الغذاء والدواء المتألقة ودورها المشكور في هذا المجال، إلا أن الأمر أكبر من هيئة وليدة، وكذلك يفوق طاقة ''جمعية حماية المستهلك'' الجديدة التي تعاني قلة مواردها وضعف حيلتها. ويزداد الأمر خطورة مع عدم وجود خطة وطنية معلنة وإجراءات واضحة عن كيفية مراقبة سلامة الغذاء والتأكد من خلوه من التلوث والتسمم فالمختبرات الوطنية ـــــ إذا كانت موجودة ـــــ فهي صغيرة وغير عملية، ومن ثم غير قادرة على القيام بأعبائها .. فمتى سمعنا أن المختبر الوطني اكتشف تسمم غذاء معين؟!

إن من غير المقبول أن نحاول جاهدين تطبيق متطلبات الجودة في المال والأعمال، ونهمل جودة الغذاء وسلامته؟! لذلك أقترح إطلاق خطة وطنية والإعلان عن إجراءات واضحة لمراقبة سلامة الغذاء، والاهتمام بأخذ عينات من جميع أسواق الخضار بشكل دوري ومنتظم، فلا يكفي مرة في السنة من أجل الاستهلاك الإعلامي! إن الحاجة ماسة إلى وجود مختبر وطني مفتوح لفحص العينات التي تصل إليه من المستهلكين دون وجود إجراءات بيروقراطية قاتلة لأي نشاط مفيد للمجتمع. كذلك فإن هناك ضرورة لمراجعة وتطوير إجراءات مراقبة المطاعم والعاملين في هذا المجال.

في الختام، أعود فأقول، بالله عليكم، هل هناك مسؤول واحد في أي جهة كانت، يستطيع أن يقف ويقول بسلامة الغذاء في بلادنا، دون ''ولكن''؟!

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية