تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

عادل عبدالقادر المكينزى

Associate Professor

عضو هيئة تدريس

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
قسم الاعلام كلية العلومة الانسانية والاجتماعية
مدونة

الصورة.. الذاكرة التي لا تمحى

 

الاقتصادية : 16 - 01 - 2009

تفوق الجانب الإسرائيلي في مجال الإعلام لم يكن يجادل حوله أحد طوال الفترات الماضية. فقد برع الإسرائيليون في التخطيط الإعلامي لإدارة حروبهم, واستغلوا هذا التفوق في قلب الحقائق وتضليل الرأي العام، وكسب تعاطف شرائح كبيرة من الرأي العام الغربي. ورغم أن العدوان الإسرائيلي الذي ما زالت فصوله تتواصل على الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، فقد شهد هو الآخر عناية صهيونية كبيرة في مجال التخطيط الإعلامي لكسب المعركة الإعلامية, إلا أن الجهود الصهيونية قد باءت بالفشل إلى حد كبير.
علامات وأمارات الفشل الصهيوني في المجال الإعلامي بادية بوضوح, فالصور الواردة من ميدان المجازر كانت كافية لفضح الجرائم الصهيونية وتعطيل كل منطق تضليلي يمكن من خلاله للمتحدثين من الجانب الصهيوني ليّ عنق الحقائق وتصوير الأمور عكس ما هو حاصل على الأرض.
أغنت الصورة عن كل مقال, وأظهرت بشكل واضح همجية العدوان الذي طال فعله التدميري كل مفاصل الحياة، ولم يترك بشراً ولا حجراً إلا واعتدى عليه.
كثيرة هي الصور التي اختزنتها الذاكرة ولم يكن بإمكان أبرع محلل أو صانع رأي عام أن يثبت دعاوى موهومة خلافها. أسر بكاملها تتحول في لحظة إلى أرقام في سجل الشهداء المفتوح لتلقي مزيد من التعداد الرقمي اليومي بفعل آلة الدمار الصهيونية. مساجد بكاملها تقوض من أساسها، مشاف يتم استهدافها. صور تتوالى ولا يكاد يمر يوم من أيام المجزرة إلا وتتكرر وتثبت في الوعي حقيقة هذا الاعتداء الذي ألجمت صوره كل المضللين من القائمين على الصناعة الإعلامية عن قلب الحقائق، أو التهوين من هول المجزرة التي سيظل يذكرها التاريخ, فشواهدها لن تطمس كما جرى مع مجازر كثيرة ارتكبتها آلة الحرب الصهيونية وطواها النسيان, لأن شواهدها لم تكن في متناول القدرة على التوثيق والإثبات.
ربما تشهد الدراسات الأكاديمية الإعلامية جدالاً في المستقبل حول قدرة القائمين على صناعة الرأي على تحديد الأولويات وصناعة الأجندة, فقد أصبحت الصورة تضع ألف قيد وقيد على قدرة هؤلاء، كما أن التحكم في الصورة لم يعد هو الآخر بمستطاع بشكل كامل كما كان عليه الوضع في فترات سابقة.
إن الصورة أصبحت سلاحاً لا يمكن الاستهانة به وقد آن الأوان لكي نفكر في الأداء الإعلامي, وهل أفلحنا في توظيف هذه الأدوات بالشكل الأمثل وحسن عرض هذا المنتج على الضمير العالمي حتى نعزز من الوعي الإيجابي بحقيقة مظلومية الشعب الفلسطيني، ونعمق من الوعي بحقيقة الجرم الصهيوني؟