تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

عادل عبدالقادر المكينزى

Associate Professor

عضو هيئة تدريس

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
قسم الاعلام كلية العلومة الانسانية والاجتماعية
مدونة

تجربة لافتة لوعي راشد

 

الاقتصادية : 14 - 11 - 2008

الصورة السلبية عن الإسلام في الغرب، وعدم تفهم المبادئ والقيم الإسلامية من قبل الجمهور الغربي لم تكن نتاج فوري لأحداث ال 11 من أيلول (سبتمبر). صحيح أن هذه الأعمال أضرت كثيراً بصورة الإسلام في الغرب، لكنها لم تكن هي وفقط سبب سوء الفهم المستشري في الغرب عن ديننا الحنيف. لقد قصر المسلمون كثيراً في التعريف بدينهم ونشر مبادئه الصحيحة والوصول بذلك إلى عقل الإنسان الغربي، وهي مهمة دعوية بالأساس تقتضيها خيرية الأمة وشهودها العقدي والحضاري.
ولا يعني الحديث هنا كما يتبادر إلى ذهن البعض أن ثمن ذلك يمر عبر ممالأة الغرب ومداهنته والتنكر لبعض الأركان الأساسية في الإسلام، فنحن نعي جيداً أن في الغرب قطاعات لا يحركها في موقفها من الإسلام سوى الكيد والأطماع والخصومة العقدية، ومجال حديثنا ليس هؤلاء، بل تلك الشرائح العريضة في الغرب التي لا يتشكل وعيها السلبي حيال الإسلام عن سوء قصد بقدر ما ينجم عن جهل وعدم دراية بألق وروعة هذا الدين الخالد، وما ينطوي عليه من قيم سامية تلامس الفطرة الإنسانية وتمس شغاف كل قلب حي وضمير يقظ.
هناك من بني جلدتنا من يعتقد ألا نصرة مرجوة لهذا الدين من دون القيام بأعمال خشنة تهز أركان الباطل وتقوض بنيانه وأن ما دون ذلك هو محض هراء، والنتيجة المنطقية لهذا الطرح أن نخلد للراحة والدعة ونتقاعس عن القيام بواجباتنا بدعوى تهافت المردود من كل جهد تعريفي بحقائق الإسلام، وما دمنا لم نصطف بعد في ميادين القتال لمقارعة قوى الطغيان، والحق أن هذا الطرح يتجافى وتجربة الفكرة الإسلامية التي تأخذ بجماع الأفعال ولا تترك ساحة ولا ميدان إلا وتلجه لعرض فكرتها التي لا يعوزها منطق وليس من المبالغة أن يُقال إن الإسلام حقق كثير من فتوحاته ورصيده الحضاري عبر المجهودات التي يوهن البعض من شأنها هذه الأيام.
أثلج صدري وعزز الثقة لديّ وزادني إصراراً على تلك الطروحات ما أخبرني به رجل أعمال يتسم بنفاذ الوعي والحماسة لنصرة دينه، والبحث عن السبل الكفيلة أن يتحقق للمسلمين وجود فاعل ومؤثر على الخارطة العالمية. أنبأني صاحبي عن تجربة لافتة قامت بها مجموعة من الفتيات المسلمات الأمريكيات اللواتي قمن بعمل مجلة تخاطب المجتمع الأمريكي وتطرح عليه ما يغيبه البعض من قيم الإسلام التي لو عرفها الغرب حق المعرفة لما توانى عن اللحاق بركب هذا الدين، وما يُحسب لهذه التجربة أن صاحباتها خضن العمل بمهنية واحتراف واجتهدن في توفير كل الأسباب التي من شأنها أن توفر النجاح للتجربة، وقد كانت النتيجة مشجعة أيما تشجيع، فقد تم ملاحظة تحسن في مستوى الوعي بقضايا الإسلام، خاصة تلك التي تخص المرأة المسلمة إلى الحد الذي تمكنت فيه تلك المجلة الفتية من جذب انتباه الفتيات غير المسلمات.
إنها تجربة جديرة بالنسج على منوالها واقتفاء أثرها، فخير لنا أن نوقد شمعة، بدلاً من أن نكتفي بلعن الظلام.