تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

DR Saad M. Alotaibi د.سعد بن مرزوق العتيبي

Associate Professor

Associate Professor أستاذ مشارك بقسم الإدارة

كلية إدارة الأعمال
51
مدونة

الذكاء العاطفيُّ والقيادة التحويلية:

 

        يلعبُ الذكاءُ العاطفيُّ دورًا مُهمًّا باعتباره أحدَ الكفاياتِ الجوهرية للقيادة الفعَّالة (Caruso, Mayer, and Salovey, 2002; Caruso and Salovey, 2004; George, 2000; Rosete and Ciarrochi, 2005). فالقادة الذين يتحلوْن بمستوياتٍ عالية مِن الذكاء العاطفيِّ لديهم القدرة على إيصال الرؤية بحماس وفعالية (Bagshaw, 2000). ولديهم أيضًا القدرةُ على التقليل مِن مستوياتِ الصراع غير الضروريِّ (Bagshaw, 2000)، وفى الوقت نفسه يُظهِرون قدرًا عاليًا مِن التعاطُف مع المرؤوسين (Abraham, 1999; Ashkanasy and Tse, 2000). وبفضل ذكائهم العاطفيِّ، يمتلك هؤلاء القادةُ القدرةَ على تقييم عواطفهم الذاتية، وعواطف الآخرين، بدقة؛ وذلك في محاولة لاختيار أفضل الإستراتيجياتِ؛ وذلك للحصول على أفضل النتائج، ولإرضاء جميع الأطراف المعنية (Cooper, 1997; .Sosik and Megerian, 1999) ولدى القادة الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من الذكاء العاطفيِّ القدرةُ على بناء علاقاتٍ بناءة مع التابعين، وتحفيز أنفسهم والعاملين، ليس فقط لأداء وظائفهم، ولكن أيضًا للأداء بشكل أفضل (Ashkanasy and Tse, 2000; George, 2000; Goleman, 1998 ).
وقد دعمَت نتائجُ الدراساتِ السابقة العلاقاتِ الإيجابية بين الذكاء العاطفيِّ، وسلوكياتِ القيادة التحويلية (Ashkanasy and Tse, 2000; Bass and Riggio, 2006; Brown and Moshavi, 2005). وفي هذا الصددِ أشار (Barling et al., 2000) وزملاؤه أنَّ القائد القادرَ على إدارة عواطفه يرجِّح أنَّ لديه القدرةَ على ضبْط النفس، ولديه الاستعدادُ لتأجيل إشباع رغباته لصالح رغباتِ التابعين، ووضْع احتياجاتِ التابعين قبل احتياجاتِه الشخصية. بالإضافة إلى أنَّ القائدَ القادرَ على الفهم والإحساس بمشاعر الآخرين يمتلكُ القدرةَ على الاستجابة بصورة سريعة ودقيقة لاحتياجاتِ التابعين والتأثير فيهم وتحفيزهم. وقد أشارَت دراسة (Rubin et al., 2005) إلى أنَّ قدرة القائد على الاعترافِ بالمشاعر والحفاظ على التأثير الإيجابيِّ، وإظهار التوافق والانسجام منبئٌ إيجابيٌّ لسلوك القيادة التحويلية. في حين ذكَر ( Sosik and Megerian, 1999) أنَّ الأشخاص ذوي الذكاء العاطفيِّ أكثر شعورًا بالأمان مِن خلال قدرتهم في التحكُّم والتأثير على مجرى أحداث الحياة؛ ونتيجة لذلك، يوفِّر الاستثارة الفكرية والتحفيزية للأفراد، فضلًا عن تركيزه على الاهتماماتِ الفردية للآخرين.
وقد تعدَّدَت الدراساتُ التي تناولَت العلاقة بين أبعاد الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية مثل: دراسة بيرلينغ وزملائه (Barling, et al.,2000) التي درسَت العلاقة بين الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية على عينتيْن مكونتيْن من 49 مديرًا و187من مرؤوسيهم، وأشارَت النتائجُ إلى وجود ارتباط ذي دلالة إحصائية بين الذكاء العاطفيِّ، وثلاثة مِن أبعاد القيادة التحويلية وهي: (التأثير المثاليُّ، والتحفيز الإلهاميُّ، والاعتبارات الفردية)، على حين لم يرتبط الذكاء العاطفيُّ بالاستثارة الفكرية.
وفي السياق نفسه، أجرى بالمر وزملاؤه (Palmer, et al., 2001) دراسة هدفت إلى فحْص العلاقة بين الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية. وتكونَت عينة الدراسة من (43) موظفًا. وأشارت النتائج إلى وجود ارتباط ذي دلالة إحصائية بين بُعدين مِن أبعاد القيادة التحويلية وهما: التحفيز الإلهاميُّ، والاعتبارات الفردية، وبين بُعديْ رصْد العواطف، وإدارة العواطف للذات وللآخرين مِن أبعاد الذكاء العاطفيِّ.
وعلى غرار الدراسة السابقة، أجرى غاردنر وستاو (Gardner and Stough, 2002) دراسة بهدف فحْص العلاقة بين الذكاء العاطفيِّ وأساليب القيادة التحويلية والإجرائية، على عينة شملت 110 مديرين في الإدارة العليا. وأشارت النتائج إلى وجود علاقة إيجابية دالة بين الدرجة الكلية للذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية، حيث كانت الارتباطاتُ متوسطةً وعالية بين أبعاد القيادة التحويلية والدرجة الكلية للذكاء العاطفيِّ، وكان أكثرُ الأبعاد ارتباطًا بُعدَ الاعتباراتِ الفردية، مع بُعد فهم انفعالاتِ الآخرين.
 كذلك أجرى (Mandell and Pherwani, 2003) دراسة هدفَت إلى فحْص أبعاد الذكاء العاطفيِّ، وعلاقتها بالقيادة التحويلية. وقد تكوَّنَت عينة الدراسة من (32) مشرفًا. وقد توصَّلَت الدراسة إلى وجود ارتباط دالٍّ إحصائيًّا بين الذكاء العاطفيِّ وكلِّ بُعد مِن أبعاد القيادة التحويلية.
وقد أجرى (Barbuto and Burbach, 2006) دراسة؛ بهدفِ توسيع دائرة بحوث الذكاء العاطفيِّ، والتي كانت تركِّز على منظَّمات القطاع الخاصِّ؛ لتمتدَّ وتشملَ منظماتِ القطاع العامِّ. وقد تكوَّنَت عينة الدراسة من (80) قائدًا و(388) موظفًا. وأشارَت النتائجُ إلى وجود ارتباط بين أبعاد الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية.
كما أجرى (Leban and Zulauf, 2004) دراسة هدفَت إلى فحْص العلاقة بين أبعاد الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية. وتكوَّنَت عينة الدراسة من (24) مشرفَ مشروعٍ ومساعديهم، في ستِّ منظَّمات في مختلف الصناعاتِ في الولاياتِ المتحدة الأمريكية. وأشارَت النتائجُ إلى وجود علاقة ارتباطية دالة إحصائيًّا بين الدرجة الكلية للذكاء العاطفيِّ وبُعد التحفيز الإلهاميِّ.
وهناك دراسة (رشيد، 2003) التي شملت (65) رئيسَ قسم و(317) عضوَ هيئة تدريس في جامعة الملك سعود؛ وذلك لفحْص العلاقة بين أبعاد الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية. وقد توصَّلَت الدراسة إلى وجود علاقة ارتباطية إيجابية بين جميع أبعاد الذكاء العاطفيِّ وسلوكياتِ القيادة التحويلية.
ودراسة قام بها (Polychroniou, 2009) شملت (267) مديرًا يعملون في مختلف الوحداتِ الوظيفية في الشركاتِ اليونانية؛ وذلك لمعرفة العلاقة بين أبعاد الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية، مع إعطاء تركيز على التفاعل بين العاملين والمشرفين على أساس فاعلية الفريق. وأشارت النتائجُ إلى وجود ارتباط ذي دلالة إحصائية بين مكونات الذكاء العاطفيِّ وكلٍّ مِن القيادة التحويلية وزيادة فاعلية الفريق.
وفي دراسة قام بها ( Hur et al., 2011) شملت (859) موظفًا يعملون في (55) فريقَ عمل في كوريا الجنوبية؛ لمعرفة أثر الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية على نتائج الفريق، أشارَت النتائجُ إلى وجود علاقة ارتباطية دالة إحصائيًّا بين الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية، وتوسطَت القيادة التحويلية العلاقةَ بين الذكاء العاطفيِّ وكلٍّ مِن مُناخ الخدمة وفاعلية القيادة.
وقد قام (Cavazotte, et al., 2012) بدراسة لمعرفة أثر كلٍّ مِن ذكاء القائد والشخصية والذكاء العاطفيِّ على القيادة التحويلية والأداء. وأشارَت نتائجُ الدراسة إلى وجود أثر للذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية على فاعلية القيادة. كما أشارت النتائجُ إلى وجود ارتباط دالٍّ إحصائيًّا بين الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية، وذلك عند تحييد كلٍّ مِن السِّماتِ الشخصية والقدرة.
وفي دراسة (Yunas and Anuar, 2012)، قام الباحثُ بفحْص العلاقة بين الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية، وتقصِّي الدورِ الوسيطِ للثقة بين كلٍّ مِن الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية، وذلك من خلال عينة قوامها 174 موظفًا يعملون في بنك ماليزيٍّ. وأشارَت نتائجُ الدراسة إلى وجود ارتباط إيجابيٍّ لبعض أبعاد الذكاء العاطفيِّ والقيادة التحويلية، كما أشارَت النتائجُ أيضًا إلى توسُّط الثقة بين كلٍّ مِن تقييم العواطف الذاتية والتحفيز الإلهاميِّ.

تقييم العواطف الذاتية:
يمثل الوعيُ بالمشاعر الذاتية عنصرًا جوهريًّا للذكاء العاطفيِّ (Goleman, 1996; Mayer and Salovey, 1997; Mayer et al., 2008). ويُقصَد بالوعي بالمشاعر الذاتية: قدرةُ الفرد على إدراك مشاعره الذاتية بدقة، وتفهُّم اتجاهاته في مختلف المواقف، ويشملُ الاهتمامَ بالوضع الداخليِّ للفرد، فضلًا عن المشاعر الذاتية التي تعبِّر عن الحالة الداخلية. والشخصُ الذي لديه وعيٌ ذاتيٌّ يَستخدم المشاعرَ كمصادر للمعرفة الذاتية، والآخرين، والمواقف (Dulewicz and Higgs,2000, 2003). وجد كلٌّ مِن (Lindebaum and Cartwrigh, 2010) أنَّ قدرة القائد على تقييم عواطفه الذاتية ترتبطُ ارتباطًا وثيقًا بسلوكياتِ القيادة الفعالة، فالقائدُ الذي يمتلكُ القدرة عن التعبير عن مشاعره بشكل صادق وواضح يُعَد مِن أكثر القادة قدرةً على حفْز المرؤوسين وإلهامهم. وهذه القدراتُ ضروريةٌ وحاسمة للقيادة التحويلية؛ فقد يجدُ القائدُ صعوبةً في إلهام وتحفيز وتشجيع الاختلافاتِ الفردية للتابعين، في ظلِّ عدم توافُر القدرة على التقييم الدقيق لمشاعره الذاتية وللآخرين (Kupers and Weibler, 2006; Lindebaum and Cartwrigh, 2010).
تقييم عواطف الآخرين:
تَعتبر نظرياتُ القيادة التحويلية قدرةَ القائد على فهم مشاعر الآخرين إحدى المهاراتِ التي يحتاجها القائدُ الفعالُ (Bass and Avolio, 1994). وقد جادل الباحثون الذين درسوا العلاقة بين الذكاء العاطفيِّ والقيادة على أنَّ التعاطُف يمثل أحدَ الجوانبِ الأساسية للذكاء العاطفيِّ؛ لمساهمته في القيادة الفعالة (Kellett et al., 2006)؛ فالقائدُ الذي لديه القدرةُ على إدراك وتفهُّم مشاعر الأخرين دائمًا ما يسعى لإلهام العاملين لمعايير أداء عالية، ويتواصل معهم بتفاؤل حول الأهدافِ المستقبلية، ويوفِّر للعاملين كذلك معنى وقيمة للمَهام التي يؤدُّونها. وإلى جانب ذلك، فإنَّ القائدَ القادرَ على فهم مشاعر الآخرين، دائمًا ما يحدِّد معايير عالية للإنجاز؛ وبذلك يصبح قدوةً ومثالًا يُحتذى به من قِبَل العاملين (Bass, 1985).

ضبْط العواطف:
         يُعتبر تنظيمُ العواطفِ مِن الكفاياتِ المُهمة للقيادة التي تؤثر على اتجاهاتِ المرؤوسين الإيجابية نحو العمل (Newcombe and Ashkanasy, 2002). ويُقصد بعملية تنظيم المشاعر قدرةُ الفرد على تعديل مشاعره الذاتية، والتعبير عنها (2003Gross and John,). وأكدَت دراسةُ (Glasø and Einarsen, 2008) أنَّ لدى القادةِ القدرةَ على تنظيم مشاعرهم أكثرمن مرؤوسيهم. وأشارَت دراسة (Zampetakis and Kafetsios, 2010) أنَّ تصوُّرات التابعين لمهاراتِ تنظيم العواطف لقادتهم ترتبط بالسلوكِ الرياديِّ للمرؤوسين. والقائد الذكيُّ عاطفيًّا لديه القدرةُ على إدارة عواطفه الذاتية وعواطف الآخرين، ومِن خلال نهْج هذا الأسلوبِ يستطيعون التأثيرَ على أداء التابعين (Pirola-Merlo et al., 2002) ، والمحافظة على المشاعر الإيجابية للمرؤوسين (McColl-Kennedy and Anderson, 2002).

استخدام العواطف:
ويشمل استخدامُ العواطف، على سبيل المثال: القدرةَ على توليد المشاعر لتسهيل عملية إصدار الأحكام، واستخدام الحالة العاطفية لتسهيل عملية حلِّ المشكلات والإبداع (Salovey and Mayer, 2002). وقد افترض كلٌّ مِن (Lindebaum and Cartwrigh, 2010) ارتباطَ استخدام العواطف بالتحفيز الإلهاميِّ، وأنَّ القائدَ القادرَ على استخدام العاطفة قد يكون أكثرَ قدرةً على توليد المشاعر الإيجابية التي تسهِّل الإبداع، والتى تمكِّنه مِن بناء رؤية مقنِعة (George, 2000). وأوضح (George,  2000)  أنَّ القائد الذكيَّ عاطفيًّا لديه القدرة على التعرُّف على مختلف المواقف والأحداث، والتعامل معها حتى في ظلِّ عدَم شعور التابعين بوجود هذه المشكلاتِ. فالقائد الذي لديه القدرةُ على التعرُّف على هذه الرموز، والاستجابة على نحو ملائم، يشجِّع أتباعَه على معالَجة المشكلاتِ التي تواجِه العمل، من خلال تحفيزهم، وتوجيههم تبعًا لذلك لاتخاذ التدابير اللازمة للمبادرة بحلِّ مشكلاتِ العمل. علاوة على ذلك، عادة ما يتفهم القائدُ الذكيُّ عاطفيًّا رغبة التابعين في الحصول على الاعتراف والتقدير لإنجازاتهم في العمل، ويوفر مثل هذا الاعتراف بطريقة مناسبة.