تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

DR Saad M. Alotaibi د.سعد بن مرزوق العتيبي

Associate Professor

Associate Professor أستاذ مشارك بقسم الإدارة

كلية إدارة الأعمال
51
مدونة

المُناخ النفسيُّ

حظي مفهومُ المُناخ النفسيِّ على مدى العقود الثلاثة الماضية باهتمام كبير من قِبَل العديد من الباحثين (Dickson et al., 2006; James et al., 2008; Schneidr and Reichers, 1983; Schneider et al.,2002)؛ نظرًا لأهميَّة المُناخ النفسيِّ باعتباره عاملًا حاسمًا في النتائج التنظيميَّة الإيجابيَّة، مثل المزيد من النجاح التنظيميِّ (Daley, 1986)، وخفض دوران العمل (Roussesn, 1988; Rentsch, 1990)، والتأثير على مستوى الرِّضا الوظيفيِّ (Mathieu et al., 1993)، وتعزيز الأداء الفرديِّ والتنظيميِّ (Burton et al., 2004; Brown and Leigh, 1996). ويشير جيمس وزملاؤه (James et al., 1988:129) للمُناخ النفسيِّ "كمجموعة من المفاهيم التي تعكس بيئاتِ العمل، بما في ذلك السِّمات التنظيميَّة، وتقييمها إدراكيًّا، وإيضاح معناها ومغزاها للأفراد". ويخلق الأفراد مُناخهم النفسيَّ من خلال العملياتِ التي تشمل تصوُّرات الفرد للبيئة؛ ومن ثمَّ تفسير تلك التصوُّراتِ في عباراتٍ ذات معنى بدلًا من إنتاجها في صورة مصطلحاتٍ موضوعيَّة (James et al., 1978). ويتفق معظمُ الباحثين على أنَّ المُناخ النفسيَّ ظاهرة معقدة ومتعددة المستوياتِ، المستمَدة من تصوُّراتِ الموظفين لتجاربهم داخل المنظمة، وتتميز بخاصيَّة الاستقرار على مرِّ الزمن، وتشمل نطاقًا واسعًا من أرجاء المنظمة، ويتشارك بها الموظفون العاملون داخل الوحدة التنظيميَّة (Koy and DeCotiis, 1991). أمَّا بالنسبة لجيمس وزملائه (James et al., 2008) فقد أطَّرُوا لمفهوم المُناخ من خلال اقتراح التمييز بين المُناخ النفسيِّ والمُناخ التنظيميِّ. في الواقع، يتمُّ دراسة المُناخ النفسيِّ على المستوى الفرديِّ، بينما يُدرَس المُناخ التنظيميُّ على مستوى المنظمة. ويمثل هذان الجانبان من المُناخ (التنظيميِّ والنفسيِّ) ظاهرةً متعددة الأبعاد تصِفُ تصوُّراتِ الموظفين حول تجاربهم داخل منظماتهم (James et al., 2008). في هذه الدِّراسة، سوف نركز على المُناخ النفسيِّ الذي يشير إلى التصوُّرات المشتركة للموظفين لطبيعة السلوكياتِ والتصرفاتِ التي يتمُّ دعمُها ومكافأتها من قِبَل سياساتِ المنظمة وممارساتها وإجراءاتها (Schneider et al., 2002). وتنمو تصوُّرات الأفراد المتعلقة بالمُناخ النفسيِّ العامِّ كأنْ يمنح الأفراد صفة مميزة ومعنى للسِّياق التنظيميِّ، استنادًا إلى أهميَّة البيئة للقيم الفرديَّة (James et al., 2008).

وعلى مرِّ السِّنين، تمَّ تطوير عدد من الأطُر المختلفة لأبعاد المُناخ النفسيِّ (على سبيل المثال: Brown and Leigh, 1986; Jones and James, 1979; Koys and DeCotiis, 1991).
اقترح كلٌّ مِن (Jones and James, 1979) نموذجًا هرميًّا للمُناخ النفسيِّ يتكون من أربعة عناصر: دور الإجهاد وعدم الانسجام، تحدِّي الوظيفة والاستقلاليَّة، القيادة الميسرة والدَّعم، وتعاوُن الفريق، والودُّ والدِّفء.
من ناحية أخرى، حدَّد كلٌّ مِن (Brown and Leigh, 1996) ستة أبعاد للمُناخ النفسيِّ: وضوح الدَّور، حريَّة التعبير الذاتيَّة، تصوُّرات الموظف لمساهمته في الأهداف التنظيميَّة، ملاءمة الاعتراف الصادر من المنظمة، تحدِّي الوظيفة. وذكرا أنَّ كلاًّ من هذه الأبعاد يشير إلى تصوُّراتِ الموظف للمُناخ النفسيِّ من حيث ارتباطه بمستوياتِ المعاناة النفسيَّة والأمن (Brown and Leigh, 1986).
وطوَّر كلٌّ مِن (Koys and DeCotiis, 1991) مقياسًا يُستخدَم على نطاق واسع لتقييم الأبعاد المتعدِّدة للمُناخ النفسيِّ. ووجدا أنَّ البناء التنظيميَّ العامَّ للمُناخ النفسيِّ يتكون من عدد من الأبعاد الفرعيَّة: الدَّعم، والاعتراف، والعدالة، والإبداع، والاستقلاليَّة، والثقة، والتماسك، والضغوط. ويشير الدَّعم إلى تصوُّرات الموظفين لدرجة تشجيع وتسامُح المشرف، ويُقصَدُ بالعدالة تصوُّرات الموظفين للقراراتِ التي يتخذها المشرفُ بأنها عادلة ونزيهة، ويُقصَد بالثقة أنَّ الموظفين يثقون برؤوسائهم بدرجة كافيَّة؛ مما يسمح بحريَّة الاتصال حول المسائل الحساسة أو الشخصيَّة، ويشير التماسك إلى تصوُّرات الموظفين لدرجة التلاحُم والمشاركة داخل المنظمة، ويُقصَد بالاستقلاليَّة الذاتيَّة درجة تصوُّرات الموظفين لدرجة قدرتهم على تحديد إجراءاتِ العمل الخاصَّة بمهامهم، ويشير الإبداع إلى تصوُّرات أنَّ المنظمة تشجع التغيير والإبداع، ولكن يشعر الموظفون بالضغوط عندما تحدِّد المنظمة قيودًا صارمة على أوقات إنهاء المشاريع ومعايير الأداء، وأخيرًا، يشير الاعترافُ إلى درجة تصوُّرات الموظفين بأنهم يحظوْن بالاعتراف الكامل إذا ما تمَّ تقدير إنجازاتهم بشكل مستمرٍّ؛ ولذلك، يُحتَمَل أنْ يؤثر كلُّ بُعد من الأبعاد الثمانيَّة تأثيرًا كبيرًا على سلوكياتِ الموظفين واتجاهاتهم.
فى هذه الدِّراسة، تمَّت عمليَّة قياس المُناخ النفسيِّ باستخدام مقياس مكوَّن من خمس وعشرين عبارة قام الباحث باشتقاقها من المقياس الذي طوَّره (Koys and DeCotiis, 1991).
وقد أشار كويل وزملاؤه (Cooil et al., 2009) إلى أنَّ هناك تداخُلًا وتنوُّعًا بين مفاهيم المُناخ النفسيِّ، وهناك القليل من الاتفاق حول معنى المُناخ النفسيِّ. وأضاف الباحثون أنَّ هذا في الغالب يعود إلى أنَّ مفهوم المُناخ النفسيِّ مفهومٌ واسعٌ ومعقَّدٌ ويتألف من مجموعة متنوعة من العناصر المترابطة  (James and James, 1989;Koys and DeCotiis, 1991).
وتجدُر الإشارة إلى أنَّ المُناخ النفسيَّ عنصر حاسم للمنظماتِ، حيث شهدَتْ أدبياتُ السُّلوك التنظيميِّ خلال السَّنوات الماضية العديدَ من الدِّراسات التي اهتمَّتْ بدراسة المُناخ النفسيِّ، والكشف عن علاقته بالعديد من المتغيراتِ التنظيميَّة مثل الرِّضا الوظيفيِّ (Biswas and Varma, 2007; Parker et al., 2003)، والاحتراق الوظيفيِّ (Mclntosh, 1995)، وسلوك المواطنة التنظيميَّة (Biswas and Varma, 2007; Moorman,1991 )، والأداء الوظيفيِّ (Biswas and Varma, 2007;Carr et al., 2003)، والانغماس الوظيفيِّ (Brown and Leigh, 1996)، والالتزام الوظيفيِّ (Burke et al., 20002).