تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

DR Saad M. Alotaibi د.سعد بن مرزوق العتيبي

Associate Professor

Associate Professor أستاذ مشارك بقسم الإدارة

كلية إدارة الأعمال
51
مدونة

القيادة الأصيلة

لقد حاز موضوع القيادة الأصيلية على اهتمام الكثير من الممارسين والباحثين في السنوات الماضية (e.g, Avolio, Gardner, Walumbwa, Luthans, and May, 2004; Gardner, Cogliser, Davis, & Dickens, 2011;George, 2003; Walumbwa et al., 2010 ) ، ويغذى هذا الأهتمام الفضائح المالية والمخالفات الإدارية للشركات الأمريكية الى قوضت المصداقية العامة للقيادات الإدارية في تلك الشركات (Cogliser, Davis,and Dickens, 2011 ) مما أدى إلى زيادة التركيز على القيادة الأيجابية .أما السبب الأكاديمي لهذا الأهتمام فيعود لكون القيادة الأصيلة امتداد لنظرية القيادة الإيجابية مثل، القيادة الكارزمية، والقيادة الأخلاقية، والقيادة والتحويلية (Avolio et al., 2004; Waluabwa et al., 2010) حيث دمج (Luthan and Avolio, 2003) حقل السلوك التنظيمي، القيادة التحويلية والأخلاقية ضمن إطار اوسع وأطلق عليها القيادة الأصيلة. ويعتقد أن الأصالة، كمعيار أساس لهذا النوع من القادة يمكن تحقيقها من خلال مستويات عالية من الوعي الذاتي والتنظيم الذاتي (Avolio and Gardner 2005, Gardner, Avolio, Luthans, May, and Walumbwa, 2005). وينظر منظور علم النفسي الإيجايى للحالة النفسية الإيجابية كشرط مسبق لمشروعية القيادة الأصيلة. ويجادل علم النفسي الإيجابي على ان الانفتاح يشير إلى القدرة على إمكانية الحفاظ على الوعى الذاتى والبيئي، بينما يساعد التفاؤل والثقة القائد على تنظيم سلوكياتهم في سياقات متغيرة (Seligman 2002).
تستمد القيادة الأصيلة من القدرات النفسية الإيجابية والسياق التنظيمي البالغ التطور، مما يؤدى إلى المزيد من الوعى الذاتى والتنظيم الذاتى والسلوكيات الإيجابية من جانب كل من القادة والتابعين، لتعزيز التنمية الذاتية الإيجابية (Luthan and Avolio, 2003). وعرف كل من (Avolio, Luthans and Walumbwa, (2004b القائد الأصيل بأنهم " أولئك القادة الذين هم على وعى بكيفية التفكير والتصرف وينظر إليهم الاخرون هلى انهم واعون لقيمهم وقيم الاخرين، والمعرفة، ونقاط القوة، وعلى وعى بالسياق التنظيمي الذى يعملون فيه، وهم على ثقة، وآمل، وتفاؤل، ومرونة، وذو طابع أخلاقي رفيع" (Avolio et al, 2004a). وتشير القيادة الأصيلة إلى "نمط سلوك القائد الذى يعتمد ويعزز كل من القدرات النفسية الإيجابية، والمناخ النفسي الإيجابي، والوعي الذاتي، والمنظور الأخلاقي الداخلي، والمعالجة المتوازنة للمعلومات، والشفافية والعقلانية في العلاقات بين القائد والتابعين، من خلال تعزيز النمو الذاتي الإيجابي" (Walumbwa, Avolio, Gardner, Wernsing, and Peterson, 2008: 94). وتشمل القيادة الاصيلة في جذورها، جميع الميزات الإيجابية مثل المشاعر الإيجابية، والثقة بالنفس، والأمل ،وتحقيق الهدف من اجل الرفاه النفسي والاجتماعي. ويمكن ان تكون نتائج جهود لتطبيق السمات الإيجابية في مجال القيادة (Ilies, Morgeson, and Nahrgang, 2005)، وذلك استناداً إلى قيم ومعتقدات القائد الأصيل. وتركز القيادة الأصيلة على بناء نقاط قوه التابعين، وتوسيع نطاق تفكيرهم، وخلق سياق تنظيمي إيجابي وجذاب (Illies, et al., 2005).  
ويشير نهج القيادة الأصيلة بأن القيادة الأصيلة ترتبط بمواقف وسلوكيات التابعين (Avolio et al., 2004)، وأن أهم آثار القيادة الأصيلة هي تلك التى تعود نتائجها على التابعين (Caza and Jackson, 2011). وينشأ آثر القيادة الأصيلة من خلال الأحساس الفردي والأنتماء الاجتماعي بين القائد والتابع (Avolio et al., 2004). فعلى سبيل المثال، يستخدم القائد الأصيل دور النمذجة لإبراز معايير أخلاقية عالية لأتباعهم حتى تتقارب قيم ومعتقدات الأتباع تدريجياً مع قيم القائد (Gardner et al., 2005). ومن الأمثلة الأخري على ذلك المناقشة الشفافة بين القائد والتابعين لنقاط ضعف القائد، ومن ثم التركيز تطوير التابعين وكذلك القائد (Avolio et al., 2004).
وبالتالي تتميز نظرية القيادة الأصيلة عن نظريات القيادة الأخرى، لأن الأصالة تتحقق من خلال التنظيم الذاتي للقائد، وهي عملية من خلالها يوازن القائد قيمه مع نواياه وأفعالة. وفي هذة العملية، يمارس القائد السيطرة من خلال (1) وضع معايير داخلية (سواء موجودة او حديثة)، (2) تقييم التعارض بين هذه المعايير والنتائج الفعلية أو المتوقعة، و (3) تحديد الإجراءات المزمعة للتوفيق بين هذه التناقضات (Gardner et al., 2005). يصنع القادة أصلاتهم الذاتية (مثل، القيم والدوافع والأهداف) عندما يسعون لإحداث التوازن بين قيمهم ونواياهم وتصرفاتهم (Avolio and Gardner, 2005).

أبعاد القيادة الأصيلة

يشير استعراض الأدبيات إلى اربعة أبعاد تعتبر من سمات القيادة الأصيلة: الوعي الذاتي، والمعالجة المتوازنة، والمنظور الأخلاقي الداخلي، والشفافية في العلاقات (Luthans, Norman, and Hughes, 2006; Walumbwa, Avolio, Gardner, Wernsing, and Peterson, 2008; Walumbwa, Wang, Wang, Schaubroeck, and Avolio, 2010). تمشياً مع Walumbwa etal.( 2008)  تفترض هذه الدراسة ان القيادة الأصيلة تتضمن أربعة أبعاد: الوعى الذاتي وشفافية العلاقات و المعالجة المتوازنة والمنظور الأخلاقي.
ويرتبط الوعي الذاتي بالتأمل الذاتي والتعرف على الذات. من خلال التأمل، يلاحظ ويحلل القائد الأصيل حالتة الذهنية، وافكارة ومشاعرة وتفاعلاتة، فهو يتعلم ويتقبل قيمة الأساسية ومشاعرة وهوياتة ودوافهة وأهدافة، والتى تمثل المكونات الأربعة للوعي الذاتي وفقاً (Avolio and Gardner, 2005)  ويتم تحقيق التواصل الداخلي مع الذات من قبل الأفراد من خلال الخوص في شخصياتهم بالتذكر بالأحداث الهامة في حياتهم وردود الفعال ومشاعرهم خلال تلك الفترة (Ladkin and Taylor, 2010). وهذه المعرفة الذاتية والتنظيمية للذات تجعل القائد ذو طبيعة شفافة (Luthans and Avolio, 2003)، وثابت على مبدأ، مما يساعد التابعين على تنظيم وإعطاء معنى لسلوك القائد (.(Walumbwa et al., 2008
وتشير شفافية العلاقات إلى مدى تواصل القادة بشفافية وصدق مع الآخرين. وتشمل الكشف عن الذات الداخلية والأصيلة للفردة وليست المصطنعة (Gardner et al., 2011). من خلال إظهار الذات الحقيقية، يمكن للقادة أكتساب ثقة أتباعهم بسهولة وتعزيز التزامهم تجاه المنظمة والقيادة    .(Gardner et al., 2005)  لايخفى القادة الذين يتمتعون بالشفافية إى شىء، في الواقع هم يقولون تماماً ما يعنون قوله، يدركون الخطأ إذا ما وقعوا فيه، يشجعون تعليقات وانتقادات الآخرين لقراراتهم وشخصياتهم، يعمدوا إلى نشر الحقيقة ويتحلون بالانسجام في انفعالاتهم ومشاعرهم (Bakari et al., 2017; Gardner et al., 2011).
وتتعلق المعالجة المتوازنة بجميع المعلومات الموضوعية والخالية من التحيز قبل اتخاذ القرار. وتنطوى على التنظيم الذاتي، مما يعنى التحكم في سلوك الفرد وفقاً لشخصيتة مع الحفاظ على علاقات واضحة ومفتوحة من التابعين وزملاء العمل. وهي تتعلق بالعمليات الداخلية، والمعالجة المتوازنة للمعلومات، وشفافية العلاقات، والسلوك الأصيل (Gardner, et al., 2005). وتشمل المعالجة المتوازنة، التصور الدقيق للتصورات مستقة عن أليات الدفاع القائم على الأنا وتقيم الذات (Gardner, Fischer, and Hunt, 2009).
ويعنى المنظور الأخلاقي، امتلك وإظهار المديرين لمعايير وقيم إخلاقية داخلية بدلاً من التعرف اعتماداً على الضغوط الخارجية. ومع ذلك، فإن الأصالة تعكس قدرة المديرين على تحقيق التناغم مع أنفسهم وأتباعهم الأوسع، لتحقيق التعاون داخل وخارج المنظمة. لذلك، ينبغي ان تكون قيم المديرين متفقة مع القيم المقبولة عموماً في البئة التى يعمل بها المدير ( مثل المجتمع، أو المنظمة و ماشابه ذلك). يتصرف جزء هام من التنظيم الذاتي وفقاً للقواعد الأخلاقية المقبولة. الأفراد الذين لديهم مستويات عليا من التنظيم الذاتي يديرون سلوكهم بحيث يتطابق مع المعايير الأخلاقية. وتعتبر القيادة أخلاقية إذا كانت القيم الداخلية للفرد إخلاقية ، أو إذا كان ينظر إليها على هذا النحو من بل الآخرين. أو انها تمثل من ناحية أخرى، انسجام سلوك المديرين مع قيمهم الخاصة، ومن ناحية أخرى، انسجام سلوك المديرين مع القواعد الأخلاقية التى تسود داخل المجتمع.
ويظهر كل بعد جانباً من جوانب القيادة الأصيلة (Kernis and Goldman, 2006 )، ويحكم كل منها جزئياً التقييم الذاتي للقائد والتنظيم الذاتي للسلوك الشخصي في مقابل المعايير الداخلية (Gardner et al., 2005). ومن ثم، فقد تم التأطير للمكونات السلوكية الأربعة لتتقارب بالقياس إلى ترتيب عامل أعلى (Walumbwaet al.,2010).
وإلى جانب هذه الأبعاد الأربعة، حدد (Luthans and Avolio (2003 أيضا رأس المال النفسي الإيجابي والتطوير الذاتي للفرد كعناصر أساسية للقيادة الأصيلة. وللقدرات النفسية الإيجابية دور رئيس في تطوير الأفراد والفرق ومنظمات التعلم والمجتمعات المحلية بهدف تحقيق ميزة تنافسية مستدامة. وتمثل المشاعر الإيجابية احد المكونات الرئيسة لعملية تنمية مهارات القيادة الأصيلة، وبشكل أكثر تحديداً لعملية النمذجة الإيجابية.