تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
مدونة

الإسكان.. بين زيادة قيمة التمويل وتحسين واقع السوق!

الإسكان.. بين زيادة قيمة التمويل وتحسين واقع السوق!

برامج الدعم للإسكان هي برامج إعانة حكومية تقدم لمساعدة الفئات المستحقة للحصول على مساكن بأسعار معقولة. تشتمل أشكال الدعم على إعانات مباشرة أو غير مباشرة، ومشاريع إسكان ميسرة أو قروض مقدمة للفئات المستحقة لتملك المسكن، أو إعانات لتسديد مستحقات الإيجارات. كما يمكن أن تتضمن هذه البرامج تقديم أراض مخفضة التكلفة، ومِنحا للمطورين تساهم في نهاية المطاف في تخفيض القيمة النهائية للمنتج السكني.

وفي معظم دول العالم يعتمد حجم الدعم ونوعه على معايير عديدة تتضمن مقارنة دخل الأسرة بواقع سوق الإسكان في المدينة. ويشير العديد من التجارب والدراسات إلى أنه على الرغم من تنوع برامج الدعم المقدمة للفئات المستحقة، إلا أنها تواجه تحديات تتمثل في ندرة الأراضي المتاحة، أو القابلة للتطوير في المدن الكبرى، يقابلها زيادة في الطلب على الإسكان مخفض التكلفة.

كما تواجه أشكال الدعم الحكومي الأخرى، مثل مشاريع الإسكان الجاهز، بعدم تقبل المستفيدين لها، لكونها تقع في مدن نائية، أو بيئات عمرانية بعيدة عن المناطق الاقتصادية الحيوية. وسجلت معدلات الإشغال السكني لبعض المشاريع السكنية في الدول النامية نسبة لا تزيد عن 50%، وهو ما يعطي مؤشرا بعدم ملاءمتها للمستفيدين.

محليا، تبدو قروض التمويل السكني الخيار المفضل للمستفيدين، لكونها غير مرتبطة بالإطار المكاني، وتتيح للأسر الاستفادة من قيمة التمويل وفق الاحتياجات الاجتماعية والوضع الاقتصادي، ومع ذلك، فإن قيمة التمويل مهما كانت فهي لا تغطي عادة أكثر من 60% من قيمة المسكن في بعض المدن، وفي أفضل الأحوال قد تحتاج الأسر إلى سنوات طويلة لتسديد قروض الدعم أو توفير الموارد المالية لتملك المسكن ضمن إطار القدرة على تحمل تكاليف الإسكان.

ما أود الإشارة له هنا أن زيادة قيمة التمويل السكني - كما يدعو لها البعض- لن تكون هي الحل الناجع، ولا سيما في ظل الارتفاع المتنامي للأسعار دون وجود آليات واضحة لتحسين واقع سوق الإسكان، بل وعلى الأرجح سوف يصاحب زيادة قيمة التمويل ارتفاع في الطلب وزيادة في أسعار الأراضي والوحدات السكنية!

وقد لا أجافي الحقيقة بالقول إن الهدف الاستراتيجي لتمكين المستفيدين من الحصول على مسكن ميسر يجب أن يركز أولا على تحسين واقع السوق الحالي، والعمل على تطوير سياسات إسكان تتيح لجميع الفئات المستفيدة الوصول إلى سوق إسكان عادل. ومن هذا المنطق فإن أشكال الدعم المقدمة يفترض أن تتماشى في خط متواز، جنبا الى جنب مع سياسات لتحسين السوق وخفض الأسعار. ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال إدراج أنواع حيازة سكنية متعددة تتضمن الملكية الخاصة، والتأجير، والملكية الجماعية، والتعاونيات.

كما يمكن تحسين واقع سوق الإسكان من خلال تطوير التشريعات والأنظمة العمرانية لتعزيز مبدأ الرضا المجتمعي من خلال تنويع أنماط الإسكان، وأحجام قطع الأراضي تبعا لخصائص كل مدينة، والعمل على تحفيز القطاع الخاص في تخصيص جزء من المشاريع التنموية لخدمة الفئات المستحقة للدعم السكني.

وأخيرا يجب أن يحمي نظام الإسكان جميع الأطراف الداخلة في السوق دون تحيز، من خلال تطوير لوائح وقوانين تمنع الاحتكار أو رفع أسعار العقارات، وتقديم الإعفاءات الضريبية للأسر محدودة الدخل أو متوسطة الدخل.. عندها يكون الدعم أكثر فعالية وإنصافا!

صحيفة مكة 
https://makkahnewspaper.com/article/1516947