تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

د. عزة خليل عبد الفتاح خليل

Assistant Professor

عضو هيئة تدريس بقسم السياسات التربوية

التعليم
مبنى كلية التربية - الدور الثاني - مكتب 122
المنشورات
كتاب
2006
تم النشر فى:

مناهج اطفال ما قبل المدرسة

, د. عزة خليل عبد الفتاح . 2006

قراءة

الدلائل التي تشير الى مفهوم الذات المنخفض ( لدى اطفال الروضة ):
     عادة ما تكون المعلمات في وضع يجعلهن أكثر قدرة وأكثر دقة في تقدير صورة الطفل عن ذاته مقارنة بالوالدين , ولكن ما هي الاختلافات بين الاطفال الذين لديهم مفهوم ذات ايجابي , واولئك الذين لديهم صورة سلبية عن ذاتهم ؟
   إن الاطفال الذين يتمتعون بتقدير ذات مرتفع , يميلون لان يعطوا استجابات اكثر اصالة ( جديدة وغير مكررة ) , وابتكارية , ويظهرون مستويات مرتفعة من الانجاز , يأخذون ادوارا قيادة بصورة تلقائية , ويواجهون المهام التي تحمل تحديا بثقة , وهم يسعون بنشاط للتفاعل مع الاطفال الآخرين , ويميلون لأن يتقبلهم ويحبهم الآخرون من أقرانهم . وهم عادة يصفون أنفسهم بصورة ايجابية , ويظهرون الاعتزاز بعملهم , كما يحددون أهدافهم بشكل استقلالي . 

   أما الاطفال الذين لديهم صورة سلبية عن ذاتهم فيميلون لتقليد الآخرين أكثر , وبالتالي تكون استجاباتهم أقل أصالة , وهم أكثر انشغالا بأنفسهم , ويميلون للانسحاب في مواجهة الرفض بدلا من مواجهته . وهم نادرا ما يشتركون في مجموعات , ولديهم شكوك عديدة حول انفسهم وقدراتهم , واحكامهم , ويميلون لان يكونوا هادئين وغير فضوليين تماما , وهم غير متأكدين عند اتخاذ القرارات , وييأسون بسهولة حين يحبطون . هؤلاء الاطفال عادة ما يطلبون عون الكبار , وكثيرا ما نسمعهم يقولون :" لا يمكنني القيام بذلك " , او " صورتي قبيحة " , وهم عادة ما يشغلون أدوارا ثانوية في اللعب الدرامي , مثل دور البيبي أو القطة , ونادرا ما يشغلون أدوارا قوية , وعادة ما يكون مظهر جلستهم ضعيفا , فهم متراخون داخل مقاعدهم , يمشون جارين أقدامهم ورؤسهم مطأطأة لأسفل . 
  
   من الواضح ان هؤلاء الاطفال بحاجة لانتباه خاص من جانب المعلمة , وبالاضافة إلى ما سبق ذكره من أساليب الارتقاء بمفهوم الذات لدى كل الاطفال , فانه يجب بذل جهود اضافية وبصورة فردية للارتقاء بالاحساس بالقيمة , والانتماء والكفاءة لدى أولئك الاطفال , ويمكن للمعلمة أن تبدأ باختبار دقيق لقدرات الطفل ونقاط قوته , وايجاد الطرق للارتقاء بها , ومن المهم تنظيم المواقف التي يمكن أن يستشعر الطفل فيها النجاح .
   هناك دلائل تدعم الاعتقاد بأن مفهوم الذات هو محدد قوي للسلوك , حتى لدى اطفال الروضة , وهناك علاقة موجبة بين مفهوم الذات المرتفع والانجاز والتحصيل . وأكثر من ذلك فإن الاطفال ذوي مفهوم الذات الضعيف , يكون تكيفهم أقل داخل الروضة , ويكونون أكثر قلقا وأقل فضولا وأكثر دفاعية more deffencive ( حيث أنهم عادة ما يشعرون أنهم في وضع الاتهام وعليهم ان يدافعوا عن أنفسهم )  . ومن الواضح تبعا لذلك أن مفهوم الذات يؤثر في مجالات أخرى من النمو - معرفيا , واجتماعيا , ووجدانيا , وأن له آثارا كبيرة على التوافق المستقبلي للطفل وعلى تحصيله . 
   وبصفة عامة فإن المعلمة الناجحة في مرحلة رياض الاطفال عليها أن تتبع عددا ممن الاستراتيجيات التي يمكن من خلالها أن توجه سلوك الاطفال وتقلل من المشكلات السلوكية التي قد تظهر من آن لآخر كالتنافس والغيرة والعدوان , وأن تقلل من ردود الافعال السلبية من جانبها ومن جانب الاطفال الآخرين والتي قد تؤثر على صورة الطفل عن ذاته . وفيما يلي وصف لأهم هذه الاستراتيجيات : 
1- إعداد البيئة : 
   يجب أن يجهز كل ركن بإحتياجاته وأن يوضع كل شيء في مكانه الخاص بنظام ودونما فوضى , وعلى الرغم من أن الاطفال يعطون الحرية بين الأنشطة وأثناءها , الا انه بخصوص الخامات لا يجب ترك أي شيء للصدفة , ويجب أن يكون هناك وفرة في المواد والخامات اللازمة , وبالتالي التقليل من الشجار على الخامات والالتباس حول ما هو متوقع منهم . 
   ومن أشكال ضبط السلوك أيضا توفير العدد الملائم من المقاعد في كل ركن . هذا العدد يتراوح من اثنين الى ثمانية كراسي في الركن الواحد , اعتمادا على نوع النشاط , وفي حين قد يشعر طفل أو طفلان بالملل وقلة الصبر , الا أن مشاعرهم هذه لن تدوم , لأنه توجد أماكن أخرى مفتوحة أمامهم .  إن تحديد عدد المقاعد يكون من الامور الجيدة , والتي تحد من التكدس في كل ركن بأكثر من طاقته, كما يسمح للمعلمة بملاحظة أي الاركان بحاجة لتدعيم أو تغيير ( نظرا لزيادة اقبال الاطفال عليها , أو قلة إقبال الاطفال عليها ). 
2- قواعد وتوجيهات واضحة : 
    حينما يعرف الاطفال ما هو متوقع منهم , فانهم يكونون أميل للتصرف بشكل صحيح وفق هذه التوقعات . ومن الاشياء التي تريح الاطفال دائما هو ان يكون لديهم قواعد واضحة يمكنهم تتبعها . كما أن التعليمات في الاركان توفر الارشاد الكافي لتقليل الفوضى والبلبلة . ولكن يجب ملاحظة عدم وضع الكثير من القواعد بشكل يربك الاطفال . فقد يحدث خلال وقت النشاط أن يحاول طفلان أو ثلاثة أن يقحموا أنفسهم داخل أحد الاركان , حتى مع عدم توافر عدد كاف من المقاعد لهم , وهنا يمكن للمعلمة أن تخاطبهم بصوت واضح ولكن دون صراخ أو انفعال لا داعي له : " لو سمحتم إقرأوا القاعدة رقم خمسة , وأخبروني إذا ما كان عليكم التواجد في هذا الركن " ومن هنا فإن الاطفال في هذا الركن سوف يذكرون الاطفال الفائضين ( الزائئدين ) بالقاعدة وتنتهي المشكلة . 
3- القواعد والتوجيهات يجب أن تقدم في صورة ظرفية أو وصفية : 
   ليس كافيا أن نخبر الاطفال ما الذي نتوقعه منهم . فمن المهم إخبارهم , كيف يسلكون وفق هذه التوقعات , مثل : " بهدوء إمشوا الى الركن " هنا المعلمة وضعت وصفها " بهدوء " في بداية الجملة الارشادية . وحتى المعلمة ذات الخبرة أحيانا ما تنتظر مدة طويلة لكي تخبر أطفالها كيف يمكن فعل شيء معين , وكنتيجة لذلك , فانها تجد نفسها تصرخ فيهم أثناء توجيه ارشاداتها وسط فصل صاخب وغير منصت . مما يفقدها الكثير من الجو الهاديء المنظم الذي يوحي بالضبط , والذي كانت تهدف لتحقيقه في باديء الامر . 
4- الاتفاق على اشارات لجذب الانتباه : 
   فقد تعقد المعلمة مع الاطفال اتفاقا , أنه عند سماع أو رؤيتهم إشارة معينة , يجب عليهم التوقف عن النشاط والانتباه اليها , فقد يكون لديها ما توجهه للفصل كله من تعليقات وارشادات معينة . من حين لآخر تجد المعلمة نفسها بحاجة لتغيير هذه الاشترة ,حيث إن الاطفال بعد فترة قد يعتادون عليها ويألفونها , وبالتالي فإنها لم تعد تجدي نفعا لجذب انتباههم , وبالتالي فإن عليها إختيار إشارة أخرى وإخبار الاطفال بها , هذه الاشارات قد تكون صوت جرس , أو تصفيق باليدين من جانب المعلمة , أو إطفاء النزر وإضائته من جديد ....وهكذا . 
5- معرفة متى يمكنك التدخل : 
    فقد تلاحظ المعلمة سلوكين متشابهين , إلا انها قد تقرر االاستجابة لكل منهما بطريقتين مختلفتين تماما , فحين ترى المعلمة أن الاطفال في فصلها قد بدأوا في احداث جلبة او صخب , فانها قد ترى أنه من الافضل المبادرة بالتدخل لايقاف هذه الجلبة قبل أن يخرج الامر من يدها , وتفقد السيطرة على نظام الفصل , وبالتتالي فقد رأت أن تئد هذه الجلبة منذ البداية , بينما في اجتماع مجلس الآباء , حين أحدث الآباء جلبة , في مناقشتهم , فان المعلمة قد تقرر أن تنتظر قليلا قبل التدخل في حديثهم فهي تعي أن هذه المرحلة العمرية مختلفة , وان الامور لن تخرج عن السيطرة ولن تتفاقم عن حد معين , وقد تفعل نفس الشيء بالنسبة لاطفال تعرف عنهم الانضباط , اذا ما أحدثوا بعض الجلبة بصورة وقتية , فيمكنها في هذه الحالة أن تترك لهم فترة كي يعودوا الى انضباطهم حيث ان هذا السلوك غير معتاد من جانبهم . 
6- الاشارات الجسمية والتحكم في نبرات الصوت : 
    كثيرا ما تفضل المعلمة ذات الخبرة أن تستخدم لغة الجسم , لتوصيل رسالتها للاطفال , فعندما يبدأ طفلان في إحداث صخب , فإن المعلمة قد توقفهم من خلال النظر اليهم فقط . إن هذه النظرة قد لاتطون فعالة بالضرورة بالنسبة لكل فرد , وقد لا تفضل بعض المعلمات ألا تستخدمها . 
    ان الاطفال الصغار يقرأون ما يقوله جسم المعلمة لهم , ولذلك من المهم بالنسبة للمعلمة أن تقرر ما هي الرسائل التي تود إرسالها , ثم تتأكد من أن جسمها بالفعل قادر على التعبير عن تلك الرسائل . 
فقد تعجز معلمة ما عن التعبير عن رسالة ما , لان تكوينها البدني أو تعبيرات  وجهها لا تعاونها في ذلك , فالمعلمة دائمة الابتسام بطبيعتها , تبعث برسائل مركبة لاطفالها حتى في حالة غضبها ( الذي تستمر في الابتسام أثناءه أيضا ) , فالاطفال يرونها تبتسم " ويسمعون " ابتسامتها , أكثر مما ينصتون الى كلامها . كذلك فان المعلمة ذات القامة الطويلة , التي تميل الى الانحناء للامام عندما تتحدث الى أحد الاطفال , قد تشعره بالتهديد أو بالحماية الذائدة .
   وفي حالة شعورهم بالتهديد , قد تتسئل المعلمة لماذا لا يستجيب  الاطفال لملاحظاتها , وفي حالة شعورهم بالحماية الذائدة , قد تتسائل المعلمة , لماذا لا يتصرف اطفالها باستقلالية . 
7- التجول حول الفصل وداخل الاركان : 
يمكن للاطفال أن يعملوا داخل الاركان بصورة مستقلة , وذلك لان المعلمة تمضي معظم وقتها في التجول بين الاركان والاتصال بالاطفال أثناء عملهم فيها , فيتولد لدى الاطفال شعور بأن المعلمة موجودة ومتاحة لهم جميعا , وهذا بدوره يؤثر على سلوك الاطفال بطريقتين:
اولا : بالنسبة لاولئك الاطفال الذين قد يحاولون استخدام الخامات بصورة غير ملائمة , او الذين يميلون لعدم اطاعة القواعد الخاصة بالركن , فان رؤية المعلمة تقترب منهم سوف يعيد توجيه سلوكهم غير الملائم حتى قبل ان يشرعوا فيه . 
ثانيا : إن ذلك يعطي للاطفال الاحساس بالامان لعلمهم بأن المعلمة موجودة اذا ما كانوا بحاجة اليها . إن عنصري الضبط السابقين يعتبران هامين للاطفال الذين يواجهون حديثا العمل من خلال أركان النشاط , فعدم التعود على الحرية والاستقلالية , قد يقود للسلوك غير المناسب , كما يولد الشعور بعدم الامان , لذلك فان وجود المعلمة في البداية , يعتبر ضروريا , وبمجرد أن يعتاد الاطفال على هذا النوع من العمل والتعلم , فان المهلمة يمكنها حتى ان تترك الفصل لفترة وجيزة , فلن يتغير شيء في هذه الاثناء .
8- التوازن بين الحرية والالتزام : 
    يجب ان تكون المعلمة على وعي بأن الحرية التي سوف تعطيها للاطفال , قد تكون غير مألوفة بالنسبة لهم , وقد تكون المعلمة بحاجة لتحديدها وتقنينها في البداية بغرض تجنب الفوضى . 
    وبالتالي فان المعلمة قد تتخير بعض الالتزامات التي يكون على الاطفال اتباعها مع دخولهم الاول للاركان . وبهذه الطريقة يبدأون في اتخاذ قراراتهم استقلاليا , واثقين من قدرتهم على البدء في ذلك . وحين ترى المعلمة أن الحرية قد بدأت تعمل بصورة جيدة مع اطفالها فإنه يمكنها ان تبدأ في المرحلة الثانية بالسماح للاطفال أن يقرروا أي الانشطة سوف يبدأون بها , وأيها التالي وهكذا . 
وحتى في هذه المرحلة يكون من الضروري وجود بعض التحديات او الالتزامات لتلافي الفوضى , وقد ترى المعلمة أنها بحاجة لجمع الاطفال مرة او مرتين أثناء اليوم لكي تناقش معهم رغباتهم واختياراتهم التالية . إن معرفة كم الحرية التي يمكن ان نعطيها للاطفال هي جزء من فن التدريس في هذه المرحلة , وهذا بدوره سوف يعتمد على جدية الموقف وخبرات وأعمار الاطفال , وشخصياتهم كأفراد وشخصية الفصل ككل , فكل عام , وكل شهر , وكل يوم سيكون مختلفا , والمعلمات يجب ان يتعلمن أن يصبحن حساسات لهذا التغير .
9- توفير منهج مشوق : 
     أيا كان شكل المنهج أو فلسفته , فان ما يتم تقديمه للاطفال يجب ان يكون ضمن اهتمامات الاطفال , اذا ما اردنا أن يكون سلوكهم منظما ومنضبطا . وقد تجد المعلمة ان بعض الاركان في فصلها , اكثر تشويقا من الاركان الاخرى . الا انه من الواجب أن يقدم كل ركن شيئا جديدا ومشوقا بالنسبة للاطفال . إن المعلمة ذات الخبرة تجد انه حين يكون المنهج مشوقا , فان المشكلات السلوكية تكون قليلة أو منعدمة , فالاطفال يكونون في غاية الانشغال , ومن المهم تحليل المنهج كوحدة واحدة ( وليس مجزءا )  , فالمنهج الجيد يمكن ان يكون اكثر العناصر اهمية في الارتقاء بالسلوك الجيد لدى الاطفال الصغار . 
10- الثقة بالذات : 
    فالمعلمة يجب ان تتمتع بقدر كبير من الثقة بالذات , حيث يجب ان تثق بأنها هي معلمة الفصل , وأن هذا الامر يعني مسئوليات وتوقعات محددة , فكل شيء بخصوص لغة الجسم , والتواصل اللفظي يمكن ان يوصل هذا الفهم لكل من الاطفال والكبار على حد سواء . إن معرفتها كيف تملأ الفراغات غير المتوقعة في برنامجها , والتصرف في المواقف الطارئة بثبات , يعتبر جزءا مهما من ثقتها بذاتها . فالمعلمة ذات الخبرة يكون دائما لديها أنشطة اضافية تحتفظ بها لمثل هذه الحالات . 
 

نوع عمل المنشور
مؤلف فردي
اسم الناشر
دار الفكر العربي
مدينة النشر
القاهرة
مزيد من المنشورات
publications

الدلائل التي تشير الى مفهوم الذات المنخفض ( لدى اطفال الروضة ):
     عادة ما تكون المعلمات في وضع يجعلهن أكثر قدرة وأكثر دقة في تقدير صورة الطفل عن ذاته مقارنة بالوالدين , ولكن ما هي…

بواسطة د. عزة خليل عبد الفتاح
2006
تم النشر فى:
دار الفكر العربي