تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

سعد بن ناشط القحطاني

Demonstrator

معيد

كلية السياحة والآثار
كلية السياحة والآثار مبنى 16 الدور الثاني رقم المكتب 33ب2
المنشورات
فرضية
2014

أطروحة التراث وفلسفة نقد العقل العربي في فكر الجابري

1. أطروحة التراث وفلسفة نقد العقل العربي في فكر الجابري

أطروحة الت ا رث وفلسفة نقد العقل العربي في فكر الجابري

د. وليد أحمد السيد

معماري وأكاديمي- لندن

كلما رحل علم من أعلام الفكر عن هذا العالم, نتوقف دوما, مثقفين, وباحثين, وبش ا ر, أمام فلسفة

الموت, وكأن فكرته تطالعنا لأول مرة. نستشعر رهبته من جهة, ونقف عجبا أمام أنفسنا وقد غابت

عنا "بشرية" هؤلاء المفكرين الذين خلّدتهم, أو تكاد, أعمالهم في عقولنا ووجداننا حتى لم يعد يخطر

ببالنا أن يغيب عنا واحد منهم – ليس في دورة حياتنا الفردية على الأقل. رحيل المفكر العربي

المغربي محمد عابد الجابري قبل أيام, عن 75 عاما, لم يكن استثناء من هذه الخاطرة. والرجل,

بقامته العلمية والفكرية والفلسفية السامقة, أغنى من التعريف والتقديم بسطور, ففكره سبقه وقدمه

للعالم العربي قبل عقدين أو ثلاثة على الأقل بالمجلدات الموسوعية ثاقبة النظر والسابقة "بحداثتها"

عصر الرجل بما مهد للبحث في آلية وبنيوية العقل العربي بأنماطه الثلاثة – البياني والغنوصي

والبرهاني. فالرجل قدم مشروعا ا رئدا في منهجية غير مسبوقة لتحليل العقل العربي, والإسلامي,

والسياسي, خلص فيها لنتائج مثيرة للجدل في الآلية التي تعمل فيها "بالقياس" – قياس الغائب على

الشاهد. ولم تكد الأوساط الثقافية العربية, وبخاصة في فترة "الجابري الذهبية", التسعينيات, يلتقط

انفاسه من أطروحة للجابري حتى يعاجل بأخرى لا تقل عن سابقتها إثارة لموجات من الجدل

والدهشة والعجب أو الإعجاب!

فكر الجابري, وفلسفته, طالعت عامة المثقفين وخاصتهم في مختلف ميادين الثقافة – ومنها ميدان

الخطاب المعماري العربي المعاصر, بتقاطعاتها مع مسألة الت ا رث والحداثة. الفكر النهضوي للت ا رث

العربي والذي قدمه الجابري في سلسلة مؤلفات الت ا رث والحداثة ونقد العقل العربي فتحت الباب واسعا

أمام مشروع مركزي في بنية الثقافة العربية, بالمفهوم الواسع للكلمة, والتي تخطت حدود التاريخ

والأدب والفكر الفلسفي المجرد لتقتحم آفاق المعضلة الأساسية التي تجابه التطور العربي بعد مرحلة

ما بعد الإستقلال من الإستعمار – تلك هي معضلة الأصالة والمعاصرة. تقديم الجابري لهذه

"الإشكالية" الفكرية بعد تعريفه الفلسفي لت ا ربط عواملها بين الماضي البائد وبين الواقع المتغير, كانت

أطروحة غير مسبوقة مع نهاية الثمانينيات, بما شكل خامة أساسية في معادلات حل البون الشاسع

بين الت ا رث كموروث سلفي وبين المعاصرة كمعطى تط وري ديناميكي. بيد أن أشهر أطروحاته في

حقبة التسعينيات كانت ثلاثية "نقد العقل العربي" بما قدم له من ب ا رهين واستشهادات إستش ا رفية

تاريخية مهمة.

سلسلة نقد العقل العربي كانت مادة غزيرة مهمة للتأمل ود ا رسة الأطر التي تشكلت فيها العقلية

العربية والفكر العربي. وي رى الجابري بأن دور اللغة العربية في تشكيل الفكر العربي كان محوريا في

توجيه آلياته وأطره ونظمه, فضلا عن كونها العنصر الوحيد المؤسس له, حيث يمكن رصد

خصوصية العلاقة بين اللغة والفكر في الثقافة العربية في تشكيل بنية العقل العربي من خلال المادة

اللغوية ونوع الر ؤية التي تقدمها عن العالم, ومن ثم مستوى منهجية البحث العلمي وآلياته الذهنية. إذ

يرى أن العقل العربي كنتاج للثقافة العربية الإسلامية تشكل على ثقافة تأسست على ثلاثة نظم

معرفية هي: نظام معرفي لغوي الأصل أو بياني معتمد على اللغة, ونظام معرفي غنوصي فارسي

الأصل, ونظام معرفي عقلاني يوناني الأصل انتقل إلى الدائرة الثقافية العربية مع حركة الترجمة أيام

المأمون. ورصد الجابري هذه النظم المعرفية الثلاثة حيث عاشت منذ بداية تشكلها في الوعي الثقافي

الشعبي في التاريخ العربي في حالة من التمايز والتصادم بما قاد لما وصفه "باستقالة العقل العربي"

في الثقافة العربية والإسلامية, فكل من هذه النظم له رؤية خاصة يقدمه للعالم ويوظف مفاهيم

وآليات مختلفة في إعادة إنتاج المعرفة والثقافة. وقد تطرق إليها الجابري في نقده للعقل العربي على

النحو التالي. فالنظام البياني كان يؤسس الحقل المعرفي في فترة تكون ونشأة الدولة الإسلامية

والخلافة ال ا رشدة والدولة الأموية, حيث يؤسس هذا الحقل المعرفي لمفاهيم ومنهجية تعتمد على

العلوم الإسلامية من نحو ولغة وفقه وعلم الكلام والبلاغة, بإطار يعتمد قياس الغائب على الشاهد

والفرع على الأصل. وهو نظام يكرس رؤية للعالم تعتمد الإنفصال واللاسببية, بمعنى النقل والتلقي

دون إعمال العقل في مسائل مسلمة ونقلية لا عقلية. أما النظام العرفاني فقد انتقل إلى الدائرة العربية

من الموروث الثقافي لما قبل الإسلام, في فترة أوائل العصر العباسي بسيادة الفكر الشيعي والفلسفة

الإسماعيلية والتصوف والتيا ا رت الإش ا رقية وعلوم الكيمياء والتنجيم والسحر والطلاسم وغيرها. وقوام

هذا النظام المعرفي أنه يكرس رؤية خاصة للعالم تعتمد المشاركة والإتصال والتعاطف, ومنهجه في

إنتاج المعرفة يقوم على الإتصال الروحاني المباشر بالموضوع والإندماج فيه في وحدة كلية. أما

النظام المعرفي الثالث وهو البرهاني فقد دخل للثقافة العربية الإسلامية مع حركة الترجمة في عصر

المأمون, وهو يؤسس للعلوم والفلسفة المنطقية اليونانية كما صاغها أرسطو. وهذا النظام يقوم على

رؤية للعالم تعتمد الت ا ربط السببي ويكرس منهجية في إنتاج المعرفة قوامها الإنتقال من مقدمات

منطقية عقلية وصولا إلى نتائج تربط السبب بالمسبب ت ا ربطا منطقيا. وفي إطار تتبع حالة التشظي

والتمايز والص ا رع بين هذه النظم المعرفية الثلاثة في الثقافة والوعي الجمعي العربي الإسلامي

تاريخيا, يشير الجابري إلى قيام بنية عقلية مفتوحة مطاطة أخذت تفقد رقابتها الذاتية تدريجيا مما

جعلها في نهاية المطاف تتسع لكل التصو ا رت والرؤى اللاعقلية وتمنحها تبريرها بتأويل الجانب

الغيبي في الدين تأويلا سحريا بإنكار السببية بقلب الطبائع والإتيان بالخوارق. وهذا كان نتاجا

لتصادم كرسه الص ا رع السياسي تاريخيا بين الشيعة التي تعتمد النظام العرفاني, وبين أهل السنة من

معتزلة وأشاعرة وسواهم ممن يعتمد النظام البياني التلقيني مع مسحة من النظام البرهاني أحيانا. كل

ذلك تبلور مع بعض عمليات التوفيق بين الفلسفة والدين أحيانا, لكن الص ا رع المتناقض قاد لانتصار

العقل الغنوصي العرفاني لا كنظام معرفي مؤسس لأيديولوجيا سياسية أو دينية معينة بل كبديل لكل

منهجية أو نظام يريد تبرير سياسية ما أو تكريس واقع سياسي معين بإحلال التصوف السني الذي

نقل خطاب اللاعقل إلى أبعد من مجال البيان والبرهان إلى حيز العامة والجمهور حيث التلقي

والتسليم دون مساءلة, وحيث مملكة الجمهور الأمي الواسع بما أنتج من الربط الصوفية ونظام

المشايخ والطرق, وهي الأطر الإجتماعية الثقافية السياسية التي يسري فيها ويتدفق من حولها

اللامعقول بلباسه الديني لتحويل العامة إلى قوة مادية تقف أمام كل محاولات النهضة العقلية أو

الحركات الإصلاحية. كل ذلك قاد بحسب أطروحة الجابري, إلى استقالة العقل العربي بنظامي

المعرفة البياني والبرهاني, وسيطرة النظام العرفاني الغنوصي. وبالرغم من هذه الأطروحة غير

المسبوقة والتحليل التاريخي لبنية العقل العربي, إلا أن الجابري مال لمقاربة أساسية يرى فيها المشرق

العربي "مشرقا بيانيا وعرفانيا" مقابل المغرب العربي "البرهاني" – وهو ما أثار حفيظة الكثير من

معارضي فكره وأطروحاته.

ومن الأطروحات الأساسية التي قدمها الجابري في كتاباته هو مفهوم "خصوصية الثقافة", حيث

يعتقد بقاعدة عرفية تتحدد بمرسومها الجنسية الثقافية للمفكر, بما ينسبه لثقافة ما حين يفكر داخلها

فقط. بمعنى أن المفكر لا يفكر في قضاياها فحسب, بل يفكر "بواسطتها", وهذا يعني ضرورة

التفكير من خلال "منظومة" مرجعية تتشكل إحداثياتها الأساسية من مكونات هذه الثقافة, وفي مقدمة

ذلك كله الموروث الثقافي والمنظومة والمحيط الإجتماعي. ولتتبع نقطة تشكل الفكر والعقل العربي

عمد إلى ربط تشكل الفكر العربي وبنيته مع العصر الجاهلي, ولكن ليس العصر الجاهلي كما عاشه

عرب ما قبل البعثة المحمدية, بل العصر الجاهلي كما عاشه في وعيهم عرب ما بعد البعثة. بمعنى

العصر الجاهلي كزمن ثقافي تمت إعادة ق ا رءته وترتيبه وتنظيمه في عصر التدوين الذي, كما ي ا ره

الجابري, يفرض نفسه تاريخيا كإطار مرجعي لما قبله وما بعده. فأهمية عصر التدوين تكمن في

التوجيه الفكري, حيث نقل الفكر العربي من الأسلوب الخطابي إلى الإنشائي, وبحيث تبلورت بشكل

أكبر العلاقة اللصيقة بين الفكر واللغة لضرورة اتباع منهج واضح في الكتابة يلتزم بالقواعد اللغوية

بخلاف ما يتيحه الأسلوب الخطابي. ولم تنحصر عملية التدوين في حفظ الموروث الثقافي العربي

الإسلامي من الضياع, وٕانما كانت عملية إعادة ق ا رءة على مستوى الدولة وبتشجيع منها, للموروث

الثقافي كإطار مرجعي لنظ رة العقلية العربية لما يحيط بها من بيئات ثقافية واجتماعية وتاريخية

وكونية. كما أن عصر التدوين كان مؤسسا لإطار تصوري للماضي العربي وماضي الحضا ا رت

المحيطة الأخرى بما يرسخ آلية في تفاعل العقل العربي مع الموروث من القديم بآلية استنتاجية

واستق ا رئية تعيد ق ا رءة الماضي وبتفاعل إيجابي مع مفاهيم العصر. فحركة التدوين والترجمة تطورت

لاحقا, بعد هضم المترجمات إلى أطر ثقافية حضارية لإنتاج المعرفة والحضارة.

وفي مقاربته لتحليل بنية العقل العربي, اعتمد الجابري أطروحات فلاسفة علم الألسنيات بربط الفكر

باللغة ربطا لصيقا, وأن اللغة ليست مجرد أداة للفكر بل هي القالب الذي يتشكل به الفكر, حيث ربط

بين اللغة والفكر وعلاقتهما وبين خصائص اللغة والأمة التي تتكلمها, وبأن كل أمة تتكلم كما تفكر

وتفكر كما تتكلم. فاللغة ليست أداة فقط, أو محتوى فقط, لكنها الوعاء المحكم الذي يحوي المعرفة

ويقولبها بقالبه. فاللغة تؤثر في رؤية المجتمع للعالم وبالتالي في طريقة تفكيرهم. فبالإضافة لقدرة

اللغة على تحديد قدرة المجتمع على الكلام تحدد هي أيضا قدرته على التفكير. ولذلك فهي ترسم

حدود المعرفة, فلها نظام دلالات محيطة خاصة بها يتجاوز المعاني المباشرة للكلمات وتعبي ا رتها

ليمتد ليشمل ت ا ركمات التجارب المجتمعية والحياتية والبيئية وسواها بما تحتمله من خطأ وصواب,

وهذا ينعكس بمرور الزمن على مرونة اللغة أو جمود التجربة الإجتماعية وتحدد العلاقة بين اللغة

والفكر بدرجة كبيرة, فإذا ضاق الفكر ضاقت اللغة والعكس بالعكس. ومن هنا فقد تتبع علاقة الفكر

العربي وثيقة الإرتباط باللغة العربية, التي انحصر بعالم الأع ا رب الذين كانوا منعزلين بالبادية ولم

يختلطوا بالمدن أو الحضر, بما جعل اللغة العربية لا تخرج عن دائرة حياة الأع ا رب أو "خشونة

البداوة". ومن هنا رصد الجابري نقاطا مهمة في "الآلية" التي تمت بها عملية جمع اللغة العربية, أو

170 هجرية) من – "صناعتها", في عصر التدوين على أيدي الخليل بن أحمد الف ا رهيدي ( 100

خلال كتابه "العين" الذي أسس لعلم العروض بمنهجية جمعت شتات اللغة, وما استتبعها من الرؤية

الخاصة التي تقدمها اللغة العربية لأهلها عبر التاريخ حتى اليوم. فمنهجية الخليل انطلقت من أسس

رياضية تعتمد أصل الكلمات المجردة المكونة من ثمانية وعشرين حرفا والتي تتكون منها الكلمات

إما ثنائية أو ثلاثية أو رباعية أو خماسية فقط, وأهمال المزيد منها برده للمجرّد. وبمنهجيته الرياضية

استطاع أن ينظم أصول الكلمات مسقطا ما لا معنى له أو لم يكن متداولا بين العرب "الأقحاح" أو

الأع ا ربي الذي لم تخالطه شوائب المدنية. لكن الجابري يرى في هذه المنهجية تحجيما وقولبة للغة

بما فرض عليها تحج ا ر منذئذ إلى الوقت الحاضر, بحيث غدت اللغة العربية لا تعبر عن واقع فكري

بل معطى ف رضي نظري, بما فرض آلية لالتماس سند واقعي لمعطى نظري وليس العكس. كذلك

يرى أن هناك خللا في آلية قبول اللغة من الأع ا ربي البسيط الذي قدّم تصوره البدائي لعالم الصح ا رء

بما "أتخم" مصطلحات اللغة العربية بمئات الأسماء المت ا ردفة كمت ا ركمات تحوي فائضا هائلا من

الألفاظ "البدوية" التي تصف عالم الصح ا رء دون عالم الحضر, ناهيك عن وقائع تاريخية خلافية

تشكك في روايات الأع ا رب واندفاع بعضهم للكذب واختلاق أسماء وهمية كونهم أصبحوا مرجعا في

تشكيل اللغة العربية بمنهجية الخليل. ومن هنا استتبع ذلك أن معجم لسان العرب, بالثمانين ألف

مادة لغوية التي يضمها, إنما هو "مدوّنة" أع ا ربي الصح ا رء التي تصف عالما رتيبا كل شيء فيه

"ينطق" و"يسمع" لا ينقل حتى أسماء الأدوات أو العلاقات التي عرفها مجتمعي مكة والمدينة أو

مجتمعات دمشق وبغداد والقاهرة الحضرية. فالمفاهيم والمصطلحات الفلسفية العلمية التي استجدت

منذ عصر التدوين إلى عصر إبن منظور صاحب لسان العرب, أضخم قاموس موسوعي في اللغة

العربية, لا تخرج مادته عن حياة ونظرة الأع ا رب للعالم من حولهم. فبحسب م ا رجعة تاريخية لتطور

اللغة العربية ونشأتها في إطار عالم الأع ا ربي البدوي, يرى الجابري في نقده للعقل العربي, أنه عقل

يأبى أن يخرج بإطاره المرجعي للغة العربية عن تلك اللغة التي جمعها وصنّفها الخليل بن أحمد

الف ا رهيدي وتابعيه من ذات الفترة, أما التطو ا رت اللاحقة فيتم اعتبارها "دخلية" على لغة "الأع ا رب

الأقحاح" بما يتوجب تركه وٕاهماله! وهذا قاد طبيعيا لجمود اللغة العربية, وٕالى نشوء "لهجات عامية"

أصبحت بمرور الوقت أكثر غنى واستعمالا من اللغة العربية الفصيحة, مما قاد, بحسب أطروحة

الجابري, لمعضلة رئيسة في الفكر العربي ووعي المثقف والإنسان العربي وعقليته وفكره, فالعالم

المحيط به يزخر بأشياء بات غير قادر عن التعبير عنها من خلال اللغة العربية الفصيحة التي هي

بآلياتها الداخلية تتوافر فيها مقومات الكتابة والتفكير ودرجات عالية من الرقي البنيوي. وفي ذات

الوقت تتبلور الإشكالية في بعد أكثر خطورة باستعمال اللغة العامية, والتي لا يستطيع أن يتعامل بها

فكريا, لعدم احتوائها على الأدوات والآليات الضرورية للتفكير, لكونها ليست لغة ثقافة أو فكر.

وبالنتيجة فالمثقف العربي أصبح يعيش تناقض اللغة الفصيحة كمثال واللغة العامية كواقع مستعمل.

والصورة تتعقد أكثر في حالتي الأمي العربي والمثقف العربي "المستغرب". فالأول وهو الأغلبية,

حبيس "عامّيته" إذ هو يتعامل مع أشياء لا يسمّيها, وٕاذا فعل يستعمل لها أسماء أجنبية "مكسّرة" مما

يترك أث ا ر عميقا في فكره وبنية عقله الفكرية. أما الثاني الذي يمارس أكثر من لغة منها لغات أجنبية

فيعيش تناقض عوالم لغوية مختلفة, حيث يفكر بلغة أجنبية ويكتب بلغة أو لغتين -عربية فصيحة

وأخرى أجنبية- ويتحدث في البيت والشارع والجامعة بلغة ثالثة عامّية!

شهرة الجابري في منتصف الثمانينيات ومطلع التسعينيات نبعت من مشروعه ال ا رئد لق ا رءة الت ا رث,

ق ا رءة عصرية, وتقديمه للآليات الفكرية لذلك – فضلا عن تعريفه وتعريته للق ا رءات "الرجعية" للت ا رث

– كالق ا رءة الت ا رثية للت ا رث والق ا رءة الت ا رثية للعصر. وكانت الأسس التي قدمها بمثابة منهجية للعديد

من الباحثين المهتمين بمسائل الت ا رث والحداثة في مختلف صنوف الخطاب الفكري العربي – وكان

لها أثر خاص على كاتب هذه السطور بما نحى بأطروحة ماجستير في العمارة مع مطلع

التسعينيات منحى خاصا غير مسبوق, وبخاصة مع تنامي البحث في الت ا رث كمشروع نهضة فكرية

عربية ضمن إشكالية الأصالة والمعاصرة. وقد قدم الجابري مجموعة من الكتب التي اجتاحت العالم

( العربي برمته, مثل نقد العقل العربي والعقل السياسي العربي والعقل الأخلاقي العربي ( 2001

وانخرط في مشروع تفسير الق آ رن ومسألة الديمق ا رطية التي تحمس لها و أ رى أنها بجانب العقلانية

تقفان ندا قويا وبديلا للعلمانية. يرحل الجابري, ولكن يبقى فكره خالدا ويبقى الباب مفتوحا للبحث

ود ا رسة موروثه الفكري والفلسفي في مشروع الت ا رث ونقد العقل العربي أكثر من ذي قبل!

نوع عمل المنشور
أطروحة
مدينة النشر
لندن
نوع الفرضية
أطروحة التراث وفلسفة نقد العقل العربي في فكر الجابري
مزيد من المنشورات
publications

1. أطروحة التراث وفلسفة نقد العقل العربي في فكر الجابري

أطروحة الت ا رث وفلسفة نقد العقل العربي في فكر الجابري

د. وليد أحمد السيد

معماري وأكاديمي- لندن

كلما رحل علم من…

2014